لكل الكرام المسجلين في منتديات ليل الغربة ، نود اعلامكم بأن تفعيل حسابكم سيكون عبر ايميلاتكم الخاصة لذا يرجى العلم
برفقتكم الورد والجلنار
سأكتب لكم بحرف التاسع والعشرين .. لكل من هُجرْ ، واتخذ من الغربة وطناَ .لكل من هاجر من اجل لقمة العيش ، واتخذ من الغربة وطناً لكم جميعا بعيدا عن الطائفية والعرقية وغربة الاوطان نكتب بكل اللغات للأهل والاحبة والاصدقاء نسأل ، نستفسر عن اسماء او عناوين نفتقد لها نهدي ،نفضفض ، نقول شعرا او خاطرة او كلمة اهديكم ورودي وعطر النرجس ، يعطر صباحاتكم ومساءاتكم ، ويُسكن الراح قلوبكم .
موضوع: موت المبدع السينمائي المصري الأول الأربعاء أغسطس 06, 2008 2:49 pm
يوسف شاهين
لم أقرأ سوى منذ لحظات خبر موت المبدع السينمائي المصري الأول ، و مربي جيل المبدعين، و الرجل المتمرد على المألوف و المكرس في حياتنا ، و الثائر على الظلم و القهر بلا حدود، مات "يوسف شاهين" مات النقي كقطرة ماء، المبدع كتصاريف الدهر، الثائر كبركان، و خمدت الرأس الصلبة في وجه القبح الذي يغزو حياتنا ، و أغلقت العين التي كانت تعد أجمل اللوحات في تاريخ السينما المصرية ، مات عميد الفن السابع المصري، في غضون أسابيع قليلة من موت الكبير الجليل "عبد الوهاب المسيري" فمالك بنا يا موت؟ هناك في بلادنا على المزاود شرار البقر بلا حصر، في السينما كما في الفن عموما كما في السياسة كما في الأدب و الفكر ، فمالك لا تخطف إلا أروع الجياد؟ مالك لا تنتقي إلا من نحب و من بهم نثق؟ اللهم لا اعتراض ، و كل نفس حتما تذوق الموت، لكن كما قال "صلاح جاهين" يوما "بس الفراق صعب و احنا شعب قلبه حنون" لقد كان هؤلاء في حياتنا أقمارا، و كانت معاصرتنا لهم شرفا نشرف به و نفخر، فمن للأحياء من مفكرين و مبدعين بعدما تختفي أجمل الجياد في صحرائنا؟ و أسطع النجوم في سمائنا؟ الموت حق على كل حي، و ليست المأساة فيه، لكن في عدم ظهور كبار جدد ليحلوا في حياتنا محل الراحلين، فما عدا فلتات متناثرة مثل "علاء الأسواني" أو "خالد يوسف" أو "محمد منير" أو "خالد الصاوي" و غيرهم من المبدعين، لا يخرج لنا الكبار بذات الزخم الماضي في فن و لا أدب ، فرحمة الله لك يا "يوسف" يا مبدعنا الجميل ، و رحمة الله لنا في هذا الزمان الضنين بالمبدعين مشواره مع ملح الأرض
قالوا عن شاهين حينا أنه مخرج للصفوة المثقفة فقط و ليس مختلطا بالجماهير، و هذه فرية بينة ، فقد عاش شاهين بفنه و عطائه منحازا لملح الأرض ، للفقراء و المهمشين و البسطاء ، و للطبقة المتوسطة التي تفريها الحياة المعاصرة ، فلم يكن مخرجا نخبويا أبداً ، لكن ربما كانت مفرداته الإبداعية نخبوية إلى حد بعيد ، و في السطور القادمة سنرى معا كيف كان مشوار شاهين المستمر مع ملح الأرض ، مع البسطاء من الناس، فلشاهين رحمه الله مرحلة كان فيها مخرجا و حسب، قبل أن يصبح المخرج النجم في ظاهرة هي الأولى من نوعها في السينما المصرية، و ربما الوحيدة بخلاف "صلاح أبو سيف" و مخرج الرائعة الواحدة "شادي عبد السلام" ، فوحده شاهين كانت أعماله تعزى إليه، و ليس لممثليها، في هذه المرحلة ما قبل النجومية له، كانت أفلام مثل "بابا أمين" و "صراع في الوادي" و "ابن النيل" و غيرها من أفلامه التي و ان تميزت بالحرفية العالية اخراجيا مقارنة بزمانها، الا أن الفرس الجموح فيها كان بعد مقيدا بضوابط فنية ، و مع هذا نرى التيمة الأخلاقية في "ابن النيل" تجاورها التيمة الاجتماعية، بينما "صراع في الوادي" هو صراع اجتماعي بحت ، حقق فيه ابن الطبقة المتوسطة و الذي لعب دوره "عمر الشريف" الاستقلال لأرض والده ، على عكس خطط الانتهازي "فريد شوقي" و الملكي ، و حقق براءة والده، فقد كان الفيلم المنتج عام 1954م تأريخا للثورة التي عشقها شاهين و عاش معها دهراً ، قبل أن يكرهها مع عصر السادات الوخيم، أما "صراع في الميناء" و شخصية "رجب" فيه فكانت تمثل صراعا طبقيا مكتمل الأركان ، لكنني أحسب أن الحرية الكاملة لم تتحقق لشاهين الا في فيلم "باب الحديد" أحد روائعه الخالدة ، فحين نرى أنا أو أنت أحد المهمشين في حياتنا أثناء لقطة عابرة أو موقف طاريء في محطة القطار أو الشارع، لا نلبث بعد لحظات أن ننشغل بحياتنا تماما، و ننسى هذا المهمش و كل ما رأينا منه و من حياته ، و هذا هو الفارق بين المبدع الكبير و الإنسان العادي، فشخصية بأبعاد شخصية "قناوي" في "باب الحديد" ، لن تشغل غير عين مبدعة كعين شاهين ليرصدها، و يجعلها بابا لفيلم يتناول تيمة الطغيان على الفقراء و ملح الأرض ، و كفاح المهمشين و معاناتهم و احباطاتهم الممثلة في تطلعات "هنومة" و احباطات "قناوي" المعتل عقلا و صحة فضلا عن علته الاجتماعية ، و هي الفقر المدقع
ثم يأتي فيلمه العالمي المستوى "جميلة" عن المناضلة الجزائرية "جميلة بوحريد" في زمن كانت فيه القاهرة تحتفي بالمناضلين و يستقبلهم فيها رئيس الجمهورية، بينما لا يستقبل لاعبي الكرة و لا رجال الأعمال، و الفيلم أخرج عام 1958م بعد أن استقبل ناصر جميلة ضمن من استقبل من مناضلي الجزائر ، و كان الفيلم أيضا مع المكافحين ضد أحد أشكال الطغيان، طغيان شعب على شعب ممثلا في الاحتلال، و تمجيدا لطريق النضال قبل أن ترتد مصر عن طريق النضال ، و في حين أرخ فيه شاهين للنضال القومي العربي ، تجنب التطرف نحو الصرعات المعادية للغرب من خلال ابراز شخصية المحامي الفرنسي الشريف، ليلفت نظر المشاهد العربي أن المحتل الفرنسي لا يمثل كل شعب فرنسا ، و أن لكل شعب شرفاؤه بعيدا عن ألعاب السيرك السياسي، فلا توجد أمم شريرة و لكن قادة شريرون
ثم يأتي فيلم "الناصر صلاح الدين" الذي أبرز الروح القومية التي سادت مصر وقت انتاجه عام 1963 و قبل انكسار يوليو الأليم، عندما كانت مصر مع قائدها في عنان السماء اقتصادا و سياسة، و تتطلع لتكرار أكثر نضجا لتجربة الوحدة ، مع العراق و سوريا و لبنان هذه المرة، و للمرة الثانية ، يركز شاهين على الايجابي في شخصية "ريشارد قلب الأسد" ، حتى لا نكره الآخر، و يبرز امكانية اللقاء الانساني مع الغرب من خلال القصة المؤسطرة للقائد "عيسى العوام" مع "لويزا" الأميرة الصليبية ، و هي قصة تشير لمعنى انساني غاية في الرقي، كذلك جعل شاهين "عيسى العوام" مسيحيا ليس لأن شاهين نفسه كان مسيحيا كما قال بعض المأفونين، و لكن ليبرز من خلال معاملة السلطان و الآخرين له مدى مدنية الإسلام و احتفائه بالآخر ، سبحان الله ، تجد اليوم عددا لا بأس به من المواشي التلفية تقول أنه فعل ذلك حقدا على الإسلام ، و أنه دعى للرذيلة من خلال علاقة القائد بالأميرة الصليبية !!! و لكن ... ماذا علينا لو لم يفهم البقر؟
بعد حرب النكسة ، صام شاهين عن الابداع أربع سنوات تقريبا ، أما فيلم"الأرض" الذي أخرجه عام 1970م و قبل وفاة ناصر مباشرة، فكأنه كان نبؤة بالارتداد على خط الثورة، و الانحياز الساداتي للعثمانيين و الرشاديين من الوجهاء و الأثرياء، و الارتداد عن ما أنجزه الإصلاح الزراعي في مصر، فكأن شاهين كان يسجل مآسي إقطاع ما قبل الثورة و معاناة الفلاح البسيط، و العلاقات الاجتماعية البسيطة ظاهرا و المعقدة باطنا في مجتمع القرية المصرية، و قد ضاع بعض هذه المعالم اليوم و استمر بعضها، ليبرأ نفسه مما سيحدث من ردة اجتماعية في السبعينات بعد عرض الفيلم بسنوات، و الفيلم يبقى أقوى انحيازات شاهين للفقراء و البسطاء من الجموع الشعبية ضد عقلية الصفوة و سلوكياتها التي تتسم بالأنانية اللا-متناهية
فيلم "العصفور" عام 1974م صور فيه شاهين حالة التوهان التي عاشتها مصر عقب الهزيمة ، و التمسك بالرمز رغم الهزيمة في اندفاع "بهية" نحو الشارع مع سماع خطاب التنحي و هي تقول "مش معقول .. مش معقول" لتنادي الرئيس و الزعيم بالعودة، ثم و هي تهتف "حنحارب" تعبيرا عن مرحلة الصمود و التحدي، ستلاحظ بعد المرارة من الزعيم في الفيلم، لكنها مرارة مشوبة بالحب، أو حب تشوبه المرارة، فقد كانت سوءة الخليفة القزم بدأت في الظهور ، ثم ياتي العبور العظيم الذي دفع ثمنه الشهداء و تسلمه الأفاقين من رجال الأعمال و المطبعين ، لقد كانت "بهية" في الفيلم هي الرمز التقليدي لمصر، و ابنتها رمز الكادحين من هذا الشعب لآلاف السنين ، و قد كتب العديد من النقاد عن آخر أفلام شاهين و هو فيلم "هي فوضى" الذي أرخ فيه لفساد السلطة في مصر الألفية الثالثة ، و رأوا الفيلم كأنه الجزء الثاني من فيلم "العصفور" فهالة فاخر كانت بهية أيضا، التي ينتهك امين الشرطة الفاسد ابنتها بالاغتصاب، كما انتهك النظام شعب مصر المعاصرة، و يتنبأ شاهين بان السلطة القضائية بعد تمردها على الإطار التقليدي هي المحرر المنشود للوطن ، بعد أن عرضت "بهية" الأم مشكلة أمين الشرطة "حاتم" على عضو مجلس الشعب الإخواني، قبل أن يهولها فساده و كذبه، فتخرج من مكتبه و هي تخلع الحجاب من فوق رأسها، و لم ينقذ سمعة البنت و يحقق عقاب الجاني بنهاية الأمر الا رجل القضاء المتمرد الثائر، في فيلم رائع في رمزيته، و تبشيره بنهاية الفساد بإطلاق النار على نفسه حين تحاصره جموع الشعب في قسم البوليس، ليموت "حاتم" الذي كان يقول طول الفيلم "اللي مالوش خير في حاتم مالوش خير في مصر" في رمز لانصهار الفرد و الأمة في عقل السلطة الفاسدة
بشارة العودة في الابن الضال بعد هذه القفزة على المشوار التي اقتضاها تقارب "العصفور" مع "هي فوضى" آخر الأفلام، نعود للفيلم الذي أرخ لعهد السادات ، فيلم "عودة الابن الضال" من إنتاج عام 1976م ، و الفيلم هو من أروع رمزيات شاهين، فهو يمثل الصراع بين الشباب القومي الاشتراكي الممثل في شخصية "علي" الذي تمرد على أخيه "طلبة" الضابط السابق و رجل الأعمال الحالي ، المتدين ظاهريا و المغتصب في السر، و الذي يرمز لعهد السادات و تحالف السلطة مع رأس المال المستغل، و هو الذي يغتصب "سهير المرشدي" حبيبة الراحل المحبوب "علي" و خطيبته، التي رمزت لمصر الثورة، و قد تمرد "علي" على أخيه "طلبة" و خرج في رحلة خارج "ميت شاتورة" كما خرج الشباب المثقف و المبدعين الناصريين بعد عام 1974م ، و اسم القرية الذي يمزج اسم مصر و سوريا (ميت المصرية مع شاتورة السورية) هو أول الإشارات الوحدوية، ثم يبشر الفيلم بعودة "علي" و بانحياز الشباب (هشام سليم و ماجدة الرومي) له و لحلمه، و يمثل موقف كل من "علي" و "طلبة" من عمال المصنع موقف الفيلم الاجتماعي المنحاز للبسطاء ، كما يمثل شخص والد الفتاة الشابة السوري الذي عشق المصرية و تزوجها و أنجب منها، منهج الفيلم الوحدوي، و الحوار الغنائي الرائع في استعراض "الشارع لنا" يلخص رمزيات الفيلم كاملة، و فيه يقول طلبة: أبدا .. من ميت شاتورة مفيش خروج أبداً .. تقعد هنا و تباشر العزبة .. و يرد علي: انا مش تبع مخلوق يا سيدنا البيه ، انا حر في اللي يقول ضميري عليه .. و ان كنت تحكم جوة ملكوتك، الشارع الواسع فاتح ليا ايديه .. فيقول طلبة: الشارع الواسع ده ليا كمان .. و يرد علي: لا يا ابن ابويا حضرتك غلطان .. قولوا له يا اولاد الشارع لمين ؟ .. قولوا له ليكون البعيد غفلان .. فترد الجماهير: الشارع لنا ، احنا لوحدنا .. الناس التانيين دول مش مننا ، دول ناس انانيين في مكانهم واقفين .. ثم تتجه الجماهير لعلي قائلة: ياللي مشيت الشارع طوله و عرضه شمال و يمين .. خدك الشارع خدته و رحت بعيد عن الظالمين .. قولنا ايه اللي انت كسبته؟ ايه اللي لأصحابك جبته؟ .. احكي لنا و طول و اروينا .. دا احنا عطشانين و متشوقين .. و يرد علي المحزون: الشارع كان شووك ، و انا حافي و دمي عليه سيال، وورايا و قدامي سراب و باغرق في الرمال ... فيرد الصديق السوري قائلا: أبدا مش ده كلامك يا زين الرجال .. يا سيد العاقلين.. قول .. الشارع لمين؟ .. فيرد علي: مشوار مشيته و قلبي بالأمل مليان ، جمل الطريق عضني (و هنا اشارة لحرب النكسة التي هدمت الحلم الكبير مؤقتا) و رجعت انا خزيان ... احلى ما في الحلق طعم المر من الذكرى ... شوفوا المرار لما يبقى حلو يا جدعان .. فترد ماجدة الرومي عن الشباب المتطلع لوعود الثورة: كان وعد منك .. كان حلم منا .. قالت الشفايف .. شافت عيونا قوس الشتوية سبع الوان ، و بعد بطولة عابرة للبطل العائد في مساعدة بائع بطيخ جوال سقطت عربته، تهلل الجماهير له في شوق لزمن البطولة الجميل: أيوة ايوة ايوة و الله رجعت يا علوة ، لعهد الشطارة و الايام الحلوة .. ثم تتحد الجماهير و تغني الفتاة رمز الشباب: المرمر الأحمر .. ينشق ينور .. يتفجر رماد بالأمر يحضر .. لبن العصفور في ورق سلوفان .. و كمان كان منك وعد يا وش السعد تجيب السعد لأحبابك .. و تجيب الحل لكل ميزان اختل تشيل الذل عن أصحابك .. كان وعد منك ده النور في عيون إنسان غلبان ... فيرد علي الذي أعادت له الفتاة طاقته للخلق: جننتيني يا بنت يا بيضا ... و حيرتيني يا بنت يا بيضا ، قبل أن يظهر قمع ديمقراطية المخالب و الأنياب بظهور الشخصية البوليسية لتقول: بس انت و هو ... ضربة ف قلبك من جوه ... شارع ،مانع ، صحن كوارع .. جاوبوا النار رمز القوة ... مافيش لأ ، و لا شد ، و زق .. يلا كله يخش الشق ، مافيش بغبغة هنا ، و لا زقزقة هنا ، و لا فيه نق
الحرب ضد التلفيين كانت هذه برأيي أهم ملامح مشوار شاهين الراحل قبل مرحلة رصده للمد الديني ظاهريا و السياسي الفاسد باطنيا، و التي رصدها في أفلام المهاجر و المصير و الآخر، فضلا عن رصده علاقة هذا المد الفاسد بأمريكا في هذا الأخير ، ففي فيلم "المهاجر" يقدم رؤية مغايرة لفهم الدين و القصص الديني، و كان قد قدم للأزهر الفيلم عام 1990م تحت اسم "يوسف و اخوته" و لكنه رفض، فعدل الأسماء و عدل في القصة، فقبل الفيلم و نفذ عام 1994م و الموضوع أن الفيلم يقدم تصور الدين كثورة اجتماعية، و ان نبوة سيدنا "يوسف" كانت ثورة ضد حياة الرعي الجافة، فذهب يطلب تعلم الزراعة في مصر ، و هناك كانت الثورة على الجمود و الخمول الفكري و الاجتماعي كذلك، و يتعلم "رام" الزراعة على حدود مصر و يخضر الأرض ، و الفيلم رؤية رمزية في أن النبوة و النماء و الخير و التقدم معاني متقاربة، لأنها تخدم هدف الله من خلق الانسان، التقدم و الخلافة في الأرض ، و لما منع الفيلم من العرض و رفع من دور السينما ، تفرغ شاهين في فيلمين متتاليين لضرب التطرف في مقاتله، فخرج للنور بأجمل روائعه، فيلم "المصير" الذي بعث فيه برسالة قوامها أن للأفكار أجنحة لا يستطيع أحد أن يقيدها، هازئا ممن منعوا فيلمه، و تحققت سخريته، فكلنا الآن يمكننا الحصول على الآخر من شبكة الانترنت
و المصير ضرب التطرف بكشف ازدواجيته و أهدافه السياسية الطامعة للسلطة و الهيمنة، و ذلك من خلال قصة الفيلسوف الإسلامي الأكبر "إبن رشد" الذي يعرفه كل دارس فلسفة في العالم ، و الذي شكل فكره الفكر المناقض للفكر الأشعري السائد حاليا و الذي كان رائده "أبو حامد الغزالي" الذي يهيم به كل التلفيين عشقا، لأنه منظرهم الأول ، و أغاني الفيلم أحد أجمل العلاجات الممكنة عندما تكتئب من وجود العناصر التلفية حولك ، فمنها: على صوتك بالغنى.. لسه الاغانى ممكنه .. ولسه يامه فى عمرنا .. و لو فى يوم راح تنكسر .. لازم تقوم واقف كما النخل باصص للسما .. ولا انهزام ولا انكسار ولا خوف ولا حلم نابت فى الخلا .. غنوتك وسط الجموع تهز قلبى من الفرح .. تداوى جرحى اللى انجرح ، و منها السخرية اللاذعة من عقلية التطرف و تقول كلماتها: يا ربنا ليس لنا من أمرنا إلا السكوت .. يا ليتنا نرضى بما يقضى لنا حتى نموت .. في عسرها أو يسرها ملعونة تلك الحياة .. لا نستطع ألا نطع أميرنا فيما يراه .. به نقتدي و نهتدي و رضاه من رضا الإله
ثم ختم حربه بفيلم "الآخر" حيث رصد علاقة التطرف الديني بعصر القطب الواحد و الهيمنة الأمريكية ، من خلال السيدة الأمريكية التي تنصب فخاً لفتاة يحبها ابنها ، من خلال أخيها المتطرف دينيا، و الذي تدعمه السيدة الأمريكية من خلال إحدى شركاتها، ثم تعتزم السيدة تدبير مصرع الفتاة مع أخيها الارهابي في مواجهة أمنية، لكن ابنها يكون من ضمن الهالكين مع حبيبته، و هنا تنبأ شاهين عام 1999م بالمصير الذي ينتظر أمريكا في 2001 بعد أن كثر لعبها بورقة بعث التطرف الديني عبر السبعينات و الثمانينات و التسعينات ، و على مر الفترة من 1979م و حتى 2004 أخرج شاهين سيرته الذاتية في أربعة أجزاء ، كانت في فصولها الأولى اضاءات على الطبقة الوسطى المصرية، ثم اضاءات على العلاقة المشتبكة بين العربي و الأوروبي و الأمريكي ، مع رصد دقيق لتحولات المجتمع عبر مساحة واسعة من الزمان و المكان و ختاماً رحمك الله يا يوسف .. يا ابن مصر البار .. و ابن الاسكندرية البار، و خريج فيكتوريا كوليج و معاهد السينما الأمريكية المصري جدا ، و ابن البلد جدا، و الجدع جدا، و الصريح جدا، و المؤمن بفنه الى مالا نهاية، و المتواصل العطاء عبر ما يقرب من ستين سنة في بلاط الفن السابع الجميل ، رحمك الله بقدر ما أسعدت و قدر ما علمت و نبهت، رحمك الله قدر ما حاربت من قوى الجهالة و الظلام ، رحمك الله قدر ما أحببت بلادك و أمتك، و قدر ما قدمت لهما من فن جميل