الإرهاب الإلكتروني -عندما تصبح الجرائم أسهل

الإرهاب الإلكتروني
عندما تصبح الجرائم أسهل

لم تعد الجماعات الإرهابية تحتاج لصواريخ مدمرة أو سيارات مفخخة لتنفيذ أي مخطط لها ، فيكفيها الآن تعطيل شبكات الكمبيوتر الخاصة بجهة ما حتي تنفذ ما تريد .. فالحواسيب الآلية أصبحت الآن السلاح الأخف وزنا بين أقرانه من الذخائر الحربية .. كما أن عمليات النصب والاحتيال والسرقة أصبحت بمنأي عن تعريض اللصوص للخطر .. فالحصول علي الأموال الآن بات أسهل من أي وقت مضي .. فالكمبيوتر الآن يزخر بقواعد البيانات الخاصة بكبري البنوك والمصارف العالمية ..

سرقة البيانات على الانترنت

وليس أسهل الآن من قرصنة هذه القواعد وتحويل حسابات البنوك من اسم شخص لأخر بمنتهي السرعة وبدون أية خسائر بشرية تذكر .. هذا هو المفهوم الذي طرحته إحدي جلسات المؤتمر.. حيث حرص المشاركون علي توضيح التغير الذي طرأ علي المفهوم التقليدي للإرهاب .. وتحوله إلي ما نطلق عليه اليوم " الإرهاب الإلكتروني " ..

ماهية الارهاب الإلكتروني

في البداية ، طرح المستشار محمد الألفي نائب رئيس الجمعية المصرية لمكافحة جرائم الإنترنت ، عدة تصورات لتعريف الإرهاب الإلكتروني ، يأتي في مقدمتهم أنه العدوان أو التخويف أو التهديد المادي أو المعنوي الصادر من الدول أو الجماعات أو الأفراد على الإنسان، في دينه أو نفسه أو عرضه أو عقله أو ماله بغير حق, باستخدام الموارد المعلوماتية والوسائل الإلكترونية, بشتى صنوف العدوان وصور الإفساد.

ويعد الإرهاب عبر شبكة الانترنت واحدا من أحدث أشكال الإرهاب الذي يتمثل في استخدام الموارد المعلوماتية المتمثلة في شبكات المعلومات وأجهزة الكمبيوتر وشبكة الإنترنت، لأغراض التخويف أو الإرغام لأهداف سياسية. ويرتبط الإرهاب عبر شبكة الانترنت إلى حد كبير بالمستوى المتقدم للغاية الذي تلعبه تكنولوجيا المعلومات في كافة مجالات الحياة في العالم.

أما الدكتورة سهير عثمان المدرس المساعد بكلية الإعلام جامعة القاهرة ، فقد طرحت بعدا جديدا للإرهاب الإلكتروني متمثل في الاستخدام الخاطيء للمعلومات المتاحة علي شبكة الإنترنت ، مشيرة إلي الحادث الإرهابي الذي تعرضت له مصر في أبريل 2005 ، والذي نفذه طالب بكلية الهندسة استطاع من خلال المعلومات المتاحة علي إحدي مواقع الإنترنت تصنيع قنبلة يدوية بدائية ،استخدمها في تنفيذ عملية الأزهر الشهيرة التي كانت بمثابة عودة العنف مرة أخري للساحة المصرية.

د.سهير عثمان أثناء فعاليات المؤتمر

وطرح السيد عبدالله بن عبدالعزيز بن فهد العجلان عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ، وعضو الجمعية الدولية لمكافحة الإجرام السيبيري بفرنسا ، طرح بعدا مكملا لتحديد ماهية الإرهاب الإلكتروني يعتمد على استخدام الإمكانيات العلمية والتقنية, واستغلال وسائل الاتصال والشبكات المعلوماتية, من أجل تخويف وترويع الآخرين, وإلحاق الضرر بهم, أو تهديدهم.
ويتميز الإرهاب الإلكتروني عن غيره من أنواع الإرهاب بالطريقة العصرية المتمثلة في استخدام الموارد المعلوماتية والوسائل الإلكترونية التي جلبتها حضارة التقنية في عصر المعلومات, لذا فإن الأنظمة الإلكترونية والبنية التحتية المعلوماتية هي هدف الإرهابيين.

ويشير الإرهاب الإلكتروني إلى عنصرين أساسيين هما: الفضاء الافتراضي Cyber Space والإرهاب Terrorism, إضافة إلى ذلك هناك كلمة أخرى تشير إلى الفضاء الإلكتروني وهي العالم الافتراضي Virtual World والذي يشير إلى التمثيل الرمزي والزائف والمجازي للمعلومات, وهو المكان الذي تعمل فيه أجهزة وبرامج الحاسوب والشبكات المعلوماتية, كما تتنقل فيه البيانات الإلكترونية, ونظراَ لارتباط المجتمعات العالمية فيما بينها بنظم معلومات تقنية عن طريق الأقمار الصناعية وشبكات الاتصال الدولية, فقد زادت الخطورة الإجرامية للجماعات والمنظمات الإرهابية, فقامت بتوظيف طاقتها للاستفادة من تلك التقنية واستغلالها في إتمام عملياتها الإجرامية وأغراضها غير المشروعة.

أشكال متعددة .. والنتيجة واحدة

وفي إطار الحديث عن الأشكال المتعددة للإرهاب الإلكتروني ، أكد السيد عبدالله بن عبد العزيز أن تبادل المعلومات الإرهابية ونشرها من خلال الشبكة المعلوماتية يعد من أبرز أشكال هذا الوافد الجديد من الإرهاب ، بالإضافة إلي أشكال أخري كإنشاء المواقع الإرهابية الإلكترونية ، تدمير المواقع والبيانات والنظم المعلوماتية ، وأخيرا التجسس الإلكتروني.

وأكد المستشار محمد الألفي أن الإرهاب عبر شبكة الانترنت يمكن أن يتسبب في إلحاق الشلل بأنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات أو قطع شبكات الاتصال بين الوحدات والقيادة أو تعطيل أنظمة الدفاع الجوي أو إخراج الصواريخ عن مسارها أو اختراق النظام المصرفي أو إرباك حركة الطيران المدني أو شل محطات الطاقة الحرارية والنووية ..

وأوضحت الدكتورة سهير عثمان أن العصر الجديد للإرهاب تميز بالدور المركزى الذى تلعبه شبكة الإنترنت ، فى تشكيلها ونقل الأفكار والخبرات عبرها ، بين الجماعات والإفراد الذين يشكلونها ، فقد بدا واضحاً خلال الخمسة أعوام الأخيرة النمو الواسع والملحوظ لظاهرة لجوء الحركات الإسلامية إلى الإنترنت كوسيلة رئيسية لبث دعايتها وأفكارها ، وذلك ضمن سياق أوسع هو تزايد علاقة معظم هذه الحركات بالوسائل والأساليب التكنولوجية المتقدمة واعتمادها عليها من أجل تحقيق أهدافها .

كما أن الحركات الجهادية تلجأ للإنترنت باعتبارها أداة جهادية لمواجهة أعدائهم ، مما وفر لهم وسيلة لتبادل الأفكار والفتاوى والخبرات الميدانية العملية.

وقد أصبح الإرهاب وثيق الصلة والارتباط بالتكنولوجيا ، وبصورة مبتكرة تتجاوز كل ما ألفناه من قبل ، بالإضافة إلي أن المشكلة لم تعد فى استخدام الإنترنت ، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن فى تغيير عقول الشباب وتدريبهم وتربيتهم لمواجهة أفكار الموت والانتحار والعزلة ، كما أن بث الإرهاب عبر الإنترنت أصبح من سمات الألفية الثالثة ، وصار يمثل ظاهرة يصعب السيطرة عليها .

شرطة الإنترنت

وضع المشاركون في هذه الجلسة العديد من التوصيات التي يمكن أن تشكل البنية الأساسية لمخطط فعال لمكافحة الإرهاب الإلكتروني ، فقد أوصي المستشار محمد الألفي بضرورة التدخل التشريعي لمواجهة القصور في التشريعات والقوانين الحالية أو تحديثها بالنص صراحة علي تجريم استخدام التقنيات العلمية الحديثة بالاضرار بأمن الدولة من الداخل ومن الخارج ، والسعي الي وضع قانون للإنترنت بأن يشتمل في أحد جوانبه علي جرائم الإنترنت بشقيها الموضوعي بحيث يجرم الأفعال غير المشروعة علي الإنترنت ويعاقب مرتكبها ، والإجرائي بحيث يوضح إجراءات تفتيش الحاسب وضبط المعلومات التي يحويها ومراقبة المعلومات أثناء انتقالها والسماح للجهات القائمة علي التفتيش بضبط برامج الحاسب والمعلومات الموجودة بالبرامج وفقا للشروط الخاصة بإجراءات التفتيش العادية .

وأكد علي ضرورة فرض الرقابة الكافية وليست الشاملة من قبل الحكومة عن كل ما يقدم من خلال الشبكة لمنع الدخول على بعض المواقع التي تبث الفكر الارهابي والتي لا تتناسب مع المجتمع المصري من خلال اقتراح إنشاء او تصميم برنامج علي الحاسب يدعي " شرطة الإنترنت " وتكون مهامه تطهير الإنترنت هادفا الى حجب المواقع الارهابية وثمة مواقع قد تكون غريبة علي مجتمعنا . ومنع المستخدمين من الحصول علي معلومات غير صحيحة وضارة من ثمة مواقع معادية ويقوم بحذف وإيقاف أية رسائل واردة من مصادر معادية لقيم وتقاليد مجتمعنا وهذا ما فعلت الصين وتلتها فيتنام وتقوم به عمليا الآن الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية.

أما الدكتورة سهير عثمان فقد أكدت علي ضرورة النظر إلي الإنترنت باعتباره وسيلة إعلامية مؤثرة ، وتلعب دورا رئيسيا في تغيير اتجاهات وسلوكيات الشباب تجاه بعض الظواهر ، ولاسيما الإرهاب ، خاصة أن الأضواء كانت قد سلطت عليه في الفترة الأخيرة ، باعتباره أحد العوامل التي وقفت وراء اندلاع الأحداث الإرهابية مجددا في مصر ، مشيرة إلي أن مصر ظلت تتعامل مع الإنترنت من بعيد ، وبالتالي لم تضع في اعتبارها كونه أحد الأدوات الأساسية في ارتكاب جرائم منظمة كالذي حدث عام 2005 .

وأشار السيد عبد الله بن عبد العزيز إلي ضرورة السعي إلي إنشاء منظمة عربية لتنسيق أعمال مكافحة الإرهاب عبر الشبكات المعلوماتية والأنظمة الإلكترونية وتشجيع قيام اتحادات عربية تسعي للتصدي لجرائم الإرهاب الإلكتروني ، وحث الدول إلى الإسراع والانضمام إلي الاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة جرائم الإرهاب وخاصة المعاهدة الدولية لمكافحة جرائم المعلوماتية.

» كيف تصبح مثقفا ..... ؟؟؟
» كيف يمكن أن تصبح رقة المشاعر نقمة تدمر صاحبها؟
» عندما تتحاور الألوان
» عندما تبدأ الممحاة
» عندما شذرات هموم