جزر القمر
الموقع:
تقع جمهورية جزر القمر في مضيق موزمبيق بين مدغشقر والساحل الأفريقي، وتضم أربعة جزر رئيسية وعدداً كبيراً من الجزر المرجانية الصغيرة، وتبلغ مساحتها 2236كم2. أما سبب تسمية «القمر» (بضم القاف على عكس ما هو متداول) فتعود إلى القرن الثامن حيث هبط على ساحل هذه الجزر بعض الرحالة العرب العائدة أصولهم إلى عدن ومسقط وحضرموت ولأن القمر كان بدراً فقد أسموها (القمر) .
الجزر الأربع لجمهورية القمر:
ـ هنزوان: ويسميها الأوروبيون إنجوان. عدد سكانها 185 ألف نسمة وتبلغ مساحتها 424 كلم2، أشهر مدنها موتامودو، دوموني. وفيها عدد كبير من شلالات المياه.
ـ القمر الكبرى: ويطلق عليها العرب اسم «انجاريجة». طولها 70 كلم وعرضها 34 كلم. ويبلغ عدد سكانها نحو 225 ألف نسمة. أشهر مدنها موروني عاصمة البلاد وميسا ميهولي.
ـ مايوته أو ماهوري: ويسميها الأوروبيون مايوت. أقرب الجزر إلى مدغشقر. مساحتها 374كم2. وعدد سكانها حوالي 40 ألف نسمة. أشهر مدنها: زاوزي التي كانت عاصمة البلاد حتى عام 1966. وماموتزو وشنجدني.
ـ موامي: يسميها الأوروبيون مهيلي، الجزيرة الخضراء، وهي أصغر الجزر، 290 كلم2. وعدد سكانها حوالي 22 ألف نسمة: بجوارها 8 جزر صغيرة غير مأهولة. وأشهر مدنها: فمبوتي ونيوماشوا. يبلغ العدد الإجمالي لسكان جزر القمر نحو 750 ألف نسمة. وهم خليط إتني تغلب عليه القسمات العربية. فمعظمهم من أصول يمنية وحضرمية وعمانية. وهناك نسب قليلة من الملاويين والأفارقة والهنود الإسماعيلية. ولأنهم جميعهم مسلمون فقد تزاوجوا وامتزجت عناصرهم لتكون شعباً مسلماً تغلب عليه السمة العربية بإضافات أفريقية وآسيوية. انضمت جزر القمر إلى الأمم المتحدة في 12 تشرين الثاني 1975، وللمنظمة الإسلامية عام 1976 وللجامعة العربية في 20 أيلول 1993.
اقتصاد دولة جزر القمر:
42% من أراضيها مستغلة زراعياً وتزرع خاصة بالموز والمانجو وجوز الكوكو والأرز والبطاطا الحلوة. متوسط إنتاج السمك السنوي نحو ربع مليون طن سنوياً، وخاصة من سمك التونة، ويعيش على شواطىء جزر القمر دون غيره من شواطىء العالم نوع نادر جداً عن السمك يقال له «سليكانت» يبلغ وزن السمكة الواحدة 30 ـ 40 كغ ولونها أزرق. وهذا النوع من الأسماك اندثر منذ آلاف السنين. ولم يبق منها إلا القليل النادر. واصطياد واحدة منها يعني مليون فرنك قمري تدفعها معاهد البحوث المعنية بالبحار والأسماك في العالم أما السياحة فهي في نمو مطرد، وتعمل الشركات السياحية على بناء فنادق جديدة فخمة، وذلك لطيب الإقامة في جزر القمر وعزلتها وحسن مناخها.
وهناك ثمة قطاع اقتصادي في البلاد يتمثل بوجود نباتات فريدة في العالم، وذات مردود اقتصادي مهم، يتمثل بوجود غابات كثيفة من شجر قرنفلي الشكل، الشجرة منه لا تبلغ سن النضج إلا بعد عشرين عاماً. حيث تعطي أزهاراً تأخذها فرنسا لتصنع منها أغلى أنواع العطور (هنا يكمن سر العطور الباريسية ربما؟) وبعض المستحضرات الصيدلانية لطب الأسنان.
نبذة تاريخية:
قبيل العهد المسيحي يعتقد المؤرخون أن عدداً من المالغاشيين القادمين من أندونيسيا نزلوا في هذه الجزر. وابتداء من القرن الخامس سكن جزر القمر ملاحة أندونيسيون وهنود وفرس وصينيون وذلك بعدما نشطت الحركة التجارية بين آسيا وأفريقيا. واستطاع المسلمون العرب (بدءاً من القرن السابع ثم الثامن خصوصاً الذي شكل إحدى ذروان العصر الذهبي للمسلمين) أن يسيطروا على حركة التبادل في المنطقة. وأن يفرضوا نقدهم (الدينار). وكان غالبية هؤلاء التجار من عدن ومسقط وحضرموت. ومع استتباب النفوذ للمسلمين في هذا الأرخبيل صارت كل جزيرة يحكمها سلطان مسلم يبقى على صلات متينة بينه وبين بلده الأصلي.
أما البرتغاليون فلم يكتشفوا جزر القمر إلا في بداية القرن السادس عشر، إلا أنهم لم يبقوا فيها طويلاً فتركوها وعاد إليها حكم السلاطين المسلمين وبقوا فيها حتى القرن الثامن عشر وقد سمي هذا العهد عهد «السلاطين المحاربين» لما كان من حروب بين سلاطينها
تاريخ جزر القمر الحديث:
في أواخر القرن الثامن عشر قام المالغاش بغزوات عديدة على جزر القمر. وقد بدأ القراصنة الأوروبيون باستخدام الجزر كقاعدة لعملياتهم في المحيط الهندي. ونفى إليها نابليون عدداً من معارضية اليعاقبة. ولم يمض الثلث الأول من القرن التاسع عشر حتى كانت جزيرتا موالي ومايوته في قبضة المالغاش.
استفاد الأوروبيون من الصراعات التي كانت تعصف بين حكام الجزر المحليين، وكانت فرنسا أول بلد أوروبي يضع أقدامه هناك عندما وقعت معاهدة مع حاكم جزيرة مايوته في 10 شباط 1843. إلا أن توسعها في المنطقة أوقفه الإنكليز الذين فتحوا لهم قنصلية في جزيرة هنزوان (إنجوان)، وضعت جزيرة موالي وجزيرة القمر الكبرى تحت حماية زنجبار. إلا أنه بعد فتح قناة السويس قللت بريطانيا من اهتمامها بالجزر، فتركت المجال لألمانيا كي ترفع علمها في فومبوني (القمر الكبرى) عام 1884، فأسرعت فرنسا ووضعت جزيرة موالي وهنزوان وجزيرة القمر الكبرى تحت وصايتها عام 1886 فضلاً من جزيرة مايوته.
جزر القمر في التاريخ المعاصر:
بعد انضمام مدغشقر إلى حكومة فيشي احتلت بريطانيا جزر القمر وأقامت عليها قاعدة بحرية. وبعد انتصار الحلفاء استرجعت فرنسا الجزر وطبقت عليها نظام الأقاليم الفرنسية ما وراء البحار ضمن الاتحاد الفرنسي (1946 م). وقد بدا أن أهل الجزيرة قد اكتفوا بما قدمه لهم قانون دفير (1956 م) من حريات لأنهم رفضوا الاستقلال في استفتاء عام 1958 متمسكين بنظام الاتحاد الفرنسي. إلا أن إصلاحاً دستورياً جرى في عام 1961 أعطى القمريين قدراً كبيراً من الحكم الذاتي، إذ أخذت الجمعية العمومية والحكومة المحليتان تديران هامشاً واسعاً من شؤون البلاد مع احتفاظ المفوض السامي الفرنسي بوضع اليد على شؤون الدفاع والخارجية والعدل. كما أتيح المجال أمام القمريين لأن يرسلوا ممثلين عنهم (نائبان وشيخان) إلى البرلمان الفرنسي.