وروى هشام بن عروة فيما نقله عنه ابن أبي الزناد أنه بلغه أن زيد بن عمرو كان بالشام فلما بلغه خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل يريده فقتله أهل ميفعة بالشام. وروى الواقدي أنه مات فدفن بأصل حراء وقال ابن إسحاق قتل ببلاد لخم
عبد العزيز بن المختار أنبأنا موسى بن عقبة أخبرني سالم سمع ابن عمر يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لقي زيد بن عمرو أسفل بلدح قبل الوحي فقدم إلى زيد سفرة فيها لحم فأبى أن يأكل وقال لا آكل مما تذبحون على أنصابكم أنا لا آكل إلا مما ذكر اسم الله عليه أخرجه البخاري وزاد في آخره وكان يعيب على قريش ويقول الشاة خلقها الله وأنزل لها من السماء وأنبت لها من الأرض ثم تذبحونها على غير اسم الله
أبو أسامة وغيره قالا حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن عن أسامة بن زيد عن زيد بن حارثة قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مردفي إلى نصب من الأنصاب فذبحنا له - ضمير له راجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - شاة ووضعناها في التنور حتى إذا نضجت جعلناها في سفرتنا ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير وهو مردفي في أيام الحر حتى إذا كنا بأعلى الوادي لقي زيد بن عمرو فحيى أحدهما الآخر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مالي أرى قومك قد شنفوا لك أي أبغضوك قال أما والله إن ذلك مني لغير نائرة كانت مني إليهم ولكني أراهم على ضلالة فخرجت أبتغي الدين حتى قدمت على أحبار أيلة فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به فدللت على شيخ بالجزيرة فقدمت عليه فأخبرته فقال إن كل من رأيت في ضلالة إنك لتسأل عن دين هو دين الله وملائكته وقد خرج في أرضك نبي أو هو خارج ارجع إليه واتبعه فرجعت فلم أحس شيئا فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم البعير ثم قدمنا إليه السفرة فقال ما هذه قلنا شاة ذبحناها للنصب كذا قال فقال أني لا آكل مما ذبح لغير الله ثم تفرقا ومات زيد قبل المبعث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يأتي أمة وحده ) رواه إبراهيم الحربي في الغريب عن شيخين له عن أبي أسامة ثم قال في ذبحها على النصب وجهان إما أن زيدا فعله عن غير أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه كان معه فنسب ذلك إليه لأن زيدا لم يكن معه من العصمة والتوفيق ما أعطاه الله لنبيه وكيف يجوز ذلك وهو عليه السلام قد منع زيدا أن يمس صنما وما مسه هو قبل نبوته فكيف يرضى أن يذبح للصنم هذا محال الثاني أن يكون ذبح لله واتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده قلت هذا حسن فإنما الأعمال بالنية أما زيد فأخذ بالظاهر وكان الباطن لله وربما سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن الإفصاح خوف الشر فإنا مع علمنا بكراهيته للأوثان نعلم أيضا أنه ما كان قبل النبوة مجاهرا بذمها بين قريش ولا معلنا بمقتها قبل المبعث والظاهر أن زيدا رحمه الله توفي قبل المبعث فقد نقل ابن إسحاق أن ورقة بن نوفل رثاه بأبيات وهي
رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما * تجنبت تنورا من النار حاميا
بدينك ربا ليس رب كمثله * وتركك أوثان الطواغي كما هيا
وإدراكك الدين الذي قد طلبته * ولم تك عن توحيد ربك ساهيا
فأصبحت في دار كريم مقامها * تعلل فيها بالكرامة لاهيا
وقد تدرك الانسان رحمة ربه * ولو كان تحت الأرض سبعين واديا
نعم وعدّ عروة سعيد بن زيد في البدريين فقال قدم من الشام بعد بدر فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب له بسهمه وأجره وكذلك قال موسى بن عقبة وابن إسحاق وامرأته هي ابنة عمه فاطمة أخت عمر بن الخطاب أسلم سعيد قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الارقم وأخرج البخاري من ثلاثة أوجه عن إسماعيل عن قيس بن أبي حازم قال قال سعيد بن زيد لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام وأخته ولو أن أحدا انقض بما صنعتم بعثمان لكان حقيقا وقد ذكرنا في إسلام عمر فصلا في المعنى وذكر ابن سعد في طبقاته عن الواقدي عن رجاله قالوا لما تحين رسول الله صلى الله عليه وسلم وصول عير قريش من الشام بعث طلحة وسعيد بن زيد قبل خروجه من المدينة بعشر يتحسسان خبر العير فبلغا الحوراء فلم يزالا مقيمين هناك حتى مرت بهم العير فتساحلت فبلغ نبي الله الخبر قبل مجيئهما فندب أصحابه وخرج يطلب العير فتساحلت وساروا الليل والنهار ورجع طلحة وسعيد ليخبرا فوصلا المدينة يوم الوقعة فخرجا يؤمانه وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمهما وأجورهما. وشهد سعيد أحدا والخندق والحديبية والمشاهد وقد تقدمت عدة أحاديث في أنه من أهل الجنة وأنه من الشهداء قال عبد الله بن أحمد سألت أبي عن الشهادة لأبي بكر وعمر أنهما في الجنة فقال نعم أذهب إلى حديث سعيد بن زيد
هشام بن عروة عن أبيه أن أروى بنت أويس ادعت أن سعيد بن زيد أخذ شيئا من أرضها فخاصمته إلى مروان فقال سعيد أنا كنت آخذ من أرضها شيئا بعد الذي سمعت من رسول الله سمعته يقول ( من أخذ شيئا من الأرض طوقه إلى سبع أرضين ) قال مروان لا أسألك بينة بعد هذا فقال سعيد اللهم إن كانت كاذبة فأعم بصرها وقتلها في أرضها فما ماتت حتى عميت وبينا هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت أخرجه مسلم وروى عبد العزيز بن أبي حازم عن العلاء بن عبد الرحمن نحوه عن أبيه وروى المغيرة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر نحوه وقال ابن أبي حازم في حديثه سألت أروى سعيدا أن يدعو لها وقالت قد ظلمتك فقال لا أرد على الله شيئا أعطانيه قلت لم يكن سعيدا متأخرا عن رتبة أهل الشورى في السابقة والجلالة وإنما تركه عمر رضي الله عنه لئلا يبقى له فيه شائبة حظ لأنه ختنه وابن عمه ولو ذكره في أهل الشورى لقال الرافضي حابى ابن عمه فأخرج منها ولده وعصبته فكذلك فليكن العمل لله
خالد الطحان عن عطاء بن السائب عن محارب بن دثار قال كتب معاوية إلى مروان والي المدينة ليبايع لابنه يزيد فقال رجل من جند الشام ما يحبسك قال حتى يجيء سعيد بن زيد فيبايع فإنه سيد أهل البلد وإذا بايع بايع الناس قال أفلا أذهب فآتيك به وذكر الحديث
أنبئنا وأخبرنا عن حنبل سماعا أنبأنا ابن الحصين أنبأنا ابن المذهب أنبأنا القطيعي حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن حصين ومنصور عن هلال بن يساف عن سعيد بن زيد وقال حصين عن ابن ظالم عن سعيد بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( اسكن حراء فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد ) وعليه النبي وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن وسعيد بن زيد
ابن سعد أنبأنا أبو ضمرة عن يحيى بن سعيد أخبرني نافع عن ابن عمر أنه استصرخ على سعيد بن زيد يوم الجمعة بعد ما ارتفع النهار فأتاه ابن عمر بالعقيق وترك الجمعة أخرجه البخاري وقال إسماعيل بن أمية عن نافع قال مات سعيد بن زيد وكان يذرب فقالت أم سعيد لعبد الله بن عمر أتحنطه بالمسك فقال وأي طيب أطيب من المسك فناولته مسكا
سليمان بن بلال حدثنا الجعيد بن عبد الرحمن عن عائشة بنت سعد قالت مات سعيد بن زيد بالعقيق فغسله سعد بن أبي وقاص وكفنه وخرج معه. وروى غير واحد عن مالك قال مات سعيد بن زيد وسعد بن أبي وقاص بالعقيق. قال الواقدي توفي سعيد بن زيد سنة إحدى وخمسين وهو ابن بضع وسبعين سنة وقبر بالمدينة نزل في قبره سعد وابن عمر وكذا قال أبو عبيد ويحيى بن بكير وشهاب. قال الواقدي كان سعيد رجلا آدم طويلا أشعر وقد شذ الهيثم بن عدي فقال مات بالكوفة وقال عبيد الله بن سعد الزهري مات سنة اثنتين وخمسين رضي الله عنه.
فهذا ما تيسر من سيرة العشرة وهم أفضل قريش وأفضل السابقين المهاجرين وأفضل البدريين وأفضل أصحاب الشجرة وسادة هذه الأمة في الدنيا والآخرة فأبعد الله الرافضة ما أغواهم وأشد هواهم كيف اعترفوا بفضل واحد منهم وبخسوا التسعة حقهم وافتروا عليهم بأنهم كتموا النص في علي أنه الخليفة فوالله ما جرى من ذلك شيء وأنهم زوروا الأمر عنه بزعمهم وخالفوا نبيهم وبادروا إلى بيعة رجل من بني تيم يتجر ويتكسب لا لرغبة في أمواله ولا لرهبة من عشيرته ورجاله ويحك أيفعل هذا من له مسكة عقل ولو جاز هذا على واحد لما جاز على جماعة ولو جاز وقوعه من جماعة لاستحال وقوعه والحالة هذه من ألوف من سادة المهاجرين والأنصار وفرسان الأمة وأبطال الإسلام لكن لا حيلة في برء الرفض فإنه داء مزمن والهدى نور يقذفه الله في قلب من يشاء فلا قوة إلا بالله
حديث مشترك وهو منكر جدا رواه الطبراني في المعجم الكبير: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري وقال أبو عمرو بن حمدان حدثنا الحسن بن سفيان في مسنده قالا حدثنا نصر بن علي حدثنا عبد المؤمن بن عباد العبدي حدثنا يزيد بن معن حدثني عبد الله بن شرحبيل عن رجل من قريش عن زيد بن أبي أوفى رضي الله عنه قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد المدينة فجعل يقول أين فلان أين فلان فلم يزل يتفقدهم ويبعث إليهم حتى اجتمعوا فقال إني محدثكم بحديث فاحفظوه وعوه إن الله اصطفى من خلقه خلقا يدخلهم الجنة وإني مصطف منكم مؤاخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة قم يا أبا بكر فقام فقال إن لك عندي يدا إن الله يجزيك بها فلو كنت متخذا خليلا لاتخذتك فأنت مني بمنزلة قميصي من جسدي ادن يا عمر فدنا فقال قد كنت شديد الشغب علينا فدعوت الله أن يعز بك الدين أو بأبي جهل ففعل الله بك ذلك وأنت معي في الجنة ثالث ثلاثة ثم آخى بينه وبين أبي بكر ثم دعا عثمان فلم يزل يدنيه حتى ألصق ركبته بركبته ثم نظر إلى السماء فسبح ثلاثا ثم قال إن لك شأنا في أهل السماء أنت ممن يرد علي الحوض وأوداجه تشخب فأقول من فعل بك هذا فتقول فلان ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال ادن يا أمين الله والامين في السماء يسلطك الله على مالك بالحق أما إن لك عندي دعوة قد أخرتها قال خر لي يا رسول الله قال حملتني أمانة أكثر الله مالك وآخى بينه وبين عثمان ثم دعا طلحة والزبير فدنوا منه فقال أنتما حواري كحواري عيسى وأخى بينهما ثم دعا سعدا وعمارا فقال يا عمار تقتلك الفئة الباغية ثم آخى بينهما ثم دعا أبا الدرداء وسلمان فقال يا سلمان أنت منا أهل البيت وقد آتاك الله العلم الأول والعلم الآخر يا أبا الدرداء إن تنقدهم ينقدوك وإن تتركهم يتركوك وإن تهرب منهم يدركوك فأقرضهم عرضك ليوم فقرك ثم آخى بينهما ثم نظر إلى ابن عمر فقال الحمد لله الذي يهدي من الضلالة فقال علي يا رسول الله ذهب روحي وانقطع ظهري حين تركتني قال ما أخرتك إلا لنفسي وأنت عندي بمنزلة هارون من موسى ووارثي قال ما أرث منك قال كتاب الله وسنة نبيه وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة وتلا { إخوانا على سرر متقابلين } [1] زيد لا يعرف إلا في هذا الحديث الموضوع وقد رواه محمد بن جرير الطبري عن حسين الدارع عن عبد المؤمن فأسقط منه عن رجل وقال محمد بن الجهم السمري حدثنا عبد الرحيم بن واقد حدثنا شعيب بن يونس حدثنا موسى بن صهيب عن يحيى بن زكريا عن عبد الله بن شرحبيل عن رجل عن زيد ورواه مطين مختصرا حدثنا ثابت بن يعقوب حدثنا ثابت بن حماد النصري عن موسى بن صهيب عن عبادة بن نسي عن عبد الله بن أبي أوفى وقال الحسن بن علي الحلواني حدثنا شبابة بن سوار حدثنا أبو عبد الله الباهلي يقال اسمه جعفر بن مرزوق عن غياث بن شقير عن عبد الرحمن ابن سابط عن سعيد بن عامر الجمحي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم يا أبا بكر تعال ويا عمر تعال وذكر حديث المؤاخاة إلا أنه خالف في أسماء الاخوان وزاد ونقص منهم. تفرد به شبابة ولا يصح والمحفوظ أنه آخى بين المهاجرين والأنصار ليحصل بذلك مؤازرة ومعاونة لهؤلاء بهؤلاء
لسعيد بن زيد ثمانية وأربعون حديثا اتفقا له على حديثين وانفرد البخاري بثالث
السابقون الأولون هم خديجة بنت خويلد وعلي بن أبي طالب وأبو بكر الصديق وزيد ابن حارثة النبوي ثم عثمان والزبير وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله وعبد الرحمن بن عوف ثم أبو عبيدة بن الجراح وأبو سلمة بن عبد الأسد والأرقم بن أبي الأرقم بن أسد بن عبد الله بن عمر المخزوميان وعثمان بن مظعون الجمحي وعبيدة بن الحارث بن المطلب المطلبي وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي وأسماء بنت الصديق وخباب بن الارت الخزاعي حليف بني زهرة وعمير بن أبي وقاص أخو سعد وعبد الله بن مسعود الهذلي من حلفاء بني زهرة ومسعود بن ربيعة القارىء من البدريين وسليط بن عمرو بن عبد شمس العامري وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي وامرأته أسماء بنت سلامة التميمية وخنيس بن حذافة السهمي وعامر بن ربيعة العنزي حليف آل الخطاب وعبد الله بن جحش ابن رئاب الأسدي حليف بني أمية وجعفر بن أبي طالب الهاشمي وامرأته أسماء بنت عميس وحاطب بن الحارث الجمحي وامرأته فاطمة بنت المجلل العامرية وأخوه خطاب وامرأته فكيهة بنت يسار وأخوهما معمر ابن الحارث والسائب ولد عثمان بن مظعون والمطلب بن أزهر بن عبد عوف الزهري وامرأته رملة بنت أبي عوف السهمية والنحام نعيم بن عبد الله العدوي وعامر بن فهيرة مولى الصديق وخالد بن سعيد بن العاص بن أمية وامرأته أميمة بنت خلف الخزاعية وحاطب بن عمرو العامري وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة العبشمي وواقد بن عبد الله بن عبد مناف التميمي اليربوعي حليف بني عدي وخالد وعامر وعاقل وإياس بنو البكير بن عبد ياليل الليثي حلفاء بني عدي وعمار بن ياسر بن عامر العنسي بنون حليف بني مخزوم وصهيب بن سنان بن مالك النمري الرومي المنشأ وولاؤه لعبد الله بن جدعان وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري وأبو نجيح عمرو بن عبسة السلمي البجلي لكنهما رجعا إلى بلادهما فهؤلاء الخمسون من السابقين الأولين وبعدهم أسلم أسد الله حمزة ابن عبد المطلب والفاروق عمر بن الخطاب عز الدين رضي الله عنهم أجمعين
هامش
1. ↑ الحجر 47