ليـــــــــــــل الغربــــــــــــــــــــــــــة
محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Ououoo10
ليـــــــــــــل الغربــــــــــــــــــــــــــة
محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Ououoo10
ليـــــــــــــل الغربــــــــــــــــــــــــــة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ليـــــــــــــل الغربــــــــــــــــــــــــــة

منتــــــــــــــــــــدى منـــــــــــــــوع موسوعــي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
لكل الكرام المسجلين في منتديات ليل الغربة ، نود اعلامكم بأن تفعيل حسابكم سيكون عبر ايميلاتكم الخاصة لذا يرجى العلم برفقتكم الورد والجلنار
محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Colomb10
محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Yourto10سأكتب لكم بحرف التاسع والعشرين ..محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Yourto10 محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Yourto10لكل من هُجرْ ، واتخذ من الغربة وطناَ .محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Yourto10لكل من هاجر من اجل لقمة العيش ، واتخذ من الغربة وطناً محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Yourto10لكم جميعا بعيدا عن الطائفية والعرقية وغربة الاوطان محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Yourto10نكتب بكل اللغات محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Yourto10للأهل والاحبة والاصدقاء محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Yourto10نسأل ، نستفسر عن اسماء او عناوين نفتقد لها محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Yourto10نهدي ،محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Yourto10نفضفض ، محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Yourto10 محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Yourto10نقول شعرا او خاطرة او كلمة محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Yourto10اهديكم ورودي وعطر النرجس ، يعطر صباحاتكم ومساءاتكم ، ويُسكن الراح قلوبكم .
محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Colomb10احتراماتي للجميع

 

 محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» .

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Fati
المديــــر العــام
المديــــر العــام
Fati


اسم الدولة : فرنسا

محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Empty
مُساهمةموضوع: محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» .   محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Icon_minitimeالإثنين يونيو 08, 2009 4:41 pm

د. جلال أمين يكتب : محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو»



في رواية علاء الأسواني الجديدة «شيكاجو» كل مزايا روايته السابقة «عمارة يعقوبيان»: التشويق الذي يبدأ من أول صفحة، ويستمر إلي آخر صفحة، أسلوب الكتابة السلس والسريع الذي يصيب الهدف باستمرار بلا تثاقل أو تسكع، الرسم الواضح والمتسق للشخصيات، اللغة العربية الراقية، دون تكلف أو تعمد الإغراب، وقبل كل شيء وفوق كل شيء، نبل المعني، إذ لا جدوي في رأيي من رواية، مهما كانت درجة تشويقها وإتقانها، إذا لم تكن نبيلة المقصد، وإذا كان المقصد تافهاً أو حقيراً، قضي علي ما قد يكون للمهارة والشطارة من أثر في نفس القارئ.

الهدف في رواية «شيكاجو» هدف نبيل مثلما كان في «عمارة يعقوبيان»، ولكنه يتميز في شيكاجو بأنه يتجاوز الحالة المصرية إلي الحالة الإنسانية الأوسع.. نعم إن المحنة المصرية موجودة في الرواية الجديدة أيضاً، ولكنها لا تسيطر علي الرواية بدرجة سيطرتها علي الرواية الأولي، المشكلة «أو المشاكل» في رواية «شيكاجو» أقل وضوحاً منها في «عمارة يعقوبيان»، بسبب أنها تتعلق بمشاكل إنسانية أكثر عمومية، فإذا بالمصري والأمريكي في رواية «شيكاجو»، يكادان أن يكونا وجهين لنفس العملة، والسبب في محنة كل منهما يكاد أن يكون واحداً.. ما هذا السبب بالضبط؟ وما هذه المحنة؟

سؤالان تستدرجك الرواية إلي التفكير فيهما، وتعطيك مفاتيح كافية للوصول إلي إجابات مرضية «وليس بالضرورة إجابة واحدة»، مما يشهد في حد ذاته بنجاح الرواية نجاحاً باهراً.

ورواية شيكاجو «مثل رواية عمارة يعقوبيان»، لا تغلق في وجهك باب الأمل، بل تترك الباب موارباً كما تركته الرواية السابقة، بقدر يسمح بدخول الفرح والسرور، ولكنه لا يقطع بحتمية الفرح والسرور، بالضبط كما تفعل الحياة بنا جميعاً.

***

في رواية «شيكاجو» خمس قصص أساسية، تسير متوازية خلال الرواية، وتدور كل منها حول العلاقة بين رجل وامرأة: شيماء وطارق، الاثنين من مصر، لدراسة الطب في جامعة ألينوي بشيكاجو، وأحمد دنانة رئيس اتحاد الدارسين المصريين في أمريكا، والمسجل أيضاً في كلية الطب، وزوجته مروة، وقصة ناجي وصديقته اليهودية ويندي، والدكتور صلاح وزوجته الأمريكية كريس، والدكتور رأفت ثابت وزوجته الأمريكية ميتشيل وابنتهما سارة، وهناك إلي جانب هذه العلاقات الخمس، رجلان غير متزوجين، الدكتور كرم دوس الطبيب المصري الذي هاجر إلي أمريكا، فحقق نجاحاً وشهرة باهرين كجراح للقلب، وصفوت شاكر مسؤول المخابرات في السفارة الأمريكية بواشنطن، الذي أتي لشيكاجو للإعداد لزيارة رئيس الجمهورية المصري.

إن كل علاقة من العلاقات الخمس تنتهي بما يشبه «المأساة الإغريقية»، أي بمأساة لا حيلة لأصحابها معها، ولا مفر لهم منها، إذ إن نهايتها متضمنة في بدايتها، فمتي كانت هذه هي بداية الشخص، أو ظروف نشأته، أو تكوينه الجسماني أو النفسي، أو متي كان هذا هو نوع العلاقة التي نشأت بين الشخصين ابتداءً، فلابد أن ينتهي الشخص أو تنتهي هذه العلاقة، هذه النهاية بالذات، ولا يمكن تصور غير ذلك.

رأفت ثابت، الطبيب المصري الذي أجبرته ظروف مصر السياسية علي تركها، وهاجر إلي أمريكا فنجح في مجال عمله كطبيب وأستاذ جامعي، يبدو في بداية الرواية وكأنه قد ترك مصر وراءه إلي الأبد، وهو نفسه يظن أنه أصبح أمريكياً، ولا يكف في حديثه عن ذم مصر والمصريين، وكأنه كف عن أن يكون واحداً منهم، ويعامل المصريين الآتين للدراسة في نفس كليته بتعالٍ وتكبر، هذا الرجل تكتشف شيئاً فشيئا، مع تطور أحداث الرواية، واتضاح نوع العلاقة بينه وبين زوجته الأمريكية وابنته، كم هو بائس في الحقيقة، وأن كل مظاهر النجاح التي حققها في الولايات المتحدة لم تحل مشكلته التي أتي بها من مصر، وكأن كل ما يقوله ويعتقده عن علاقته بمصر أو بالولايات المتحدة، ليس أكثر من خداع للنفس لم ينقذه، لا هو ولا أسرته، من نهاية مأساوية.

الدكتور صلاح، زميل الدكتور رأفت، جاء أيضاً من مصر واستقر في الولايات المتحدة، وتزوج أيضاً من أمريكية، وإن لم ينجب منها.. علي السطح يبدو كل شيء علي ما يرام، فهو أيضاً طبيب وأكاديمي ناجح، وعلاقته بزوجته تبدو طيبة ومستقرة، وليس لديه أي نية في العودة إلي مصر، ولكن الأمر لا يحتاج إلي أكثر من حادث جديد صغير، يتعلق بخبر اعتزام رئيس الجمهورية المصري المجيء إلي شيكاجو، واعتزام بعض الشباب المصري الذين يدرسون في أمريكا أن يرتبوا مظاهرة عند وصول الرئيس، يحتجون فيها علي ما يجري في مصر، لكي تتفجر في نفس الدكتور صلاح مشاعر قديمة مكبوتة، يبدو وكأنه نسيها، ولكنه في الحقيقة لم ينسها قط منذ افتراقه عن صديقته ومحبوبته المصرية القديمة «زينب».

إنه لم يفترق عنها بإرادته، ولكن بقرار منها هي، إذ كانت فتاة ذكية ونشطة سياسياً، ومستعدة للمغامرة بل وللتعرض للضرب والسجن مع زملائها في سبيل إنجاح الحركة السياسية الطلابية التي تنتمي إليها، لم يكن لدي صلاح الشجاعة للاشتراك معها في نشاطها السياسي الخطر، فاتهمته بالجبن وانصرفت عنه إلي الأبد، هاجر صلاح بعد ذلك، بل وربما بسبب ذلك، إلي الولايات المتحدة، ومرت سنوات كثيرة، بل عشرات السنين، دون أن ينسي صلاح تلك العبارة التي صدرت من زينب قبيل فراقهما واتهمته فيها بالجبن، وظل محور حياته الذي يلازمه كظله، مع كل نجاحه كأكاديمي وطبيب، ورغم زواجه من امرأة يحبها وتحبه، هذه الفكرة الرهيبة، وهي أن زينب كانت علي الأرجح علي صواب عندما وصفته بالجبن. الدكتور صلاح ينتهي أيضاً نهاية مأساوية، ربما لا لسبب إلا تلك العبارة القاسية التي وجهتها إليه حبيبته القديمة زينب منذ عشرات السنين.

من الممكن أيضاً أن أصف بالمأساة الإغريقية ما انتهت إليه العلاقة بين شيماء محمدي «الآتية من طنطا رأساً إلي شيكاجو»، وبين طارق حسيب «الشاب الطيب ولكن المليء بالعقد التي ولدها كبت جنسي طويل في مصر»، وإن كان المؤلف فضل أن يترك لهما وللقارئ، بعض الأمل في أن تنتهي علاقتهما نهاية سعيدة، ومن الممكن أيضاً أن نطلق وصف المأساة الإغريقية علي ما تطورت إليه العلاقة بين جراهام وكارول، حيث كانت النهاية متضمنة في بداية علاقتهما، بسبب أن جراهام أمريكي أبيض وكارول أمريكية سوداء.

***

خطر لي، بعد أن انتهيت من قراءة الرواية، أن بعض الشخصيات الأساسية فيها ليس لها أي علاقة ببقية الشخصيات، بل إن تطور الأحداث في بعض العلاقات الأساسية فيها يكاد لا يتقاطع بالمرة، إلا علي نحو عرضي تماماً، مع تطور العلاقات الأخري، الأساسية أيضاً، في الرواية. انظر مثلاً إلي علاقة شيماء بطارق، إن نشوء العلاقة بينهما وتطورها حتي نهاية الرواية لا يتقاطعان، أي لا يلتقيان بالمرة، مع بقية العلاقات الأساسية في القصة، إذ لا يجمع بين شيماء وطارق من ناحية، وبين بقية الشخصيات الأساسية، إلا أنهم جميعاً يعملون أو يدرسون في نفس القسم في كلية الطب.

وقُل مثل هذا عن تطور العلاقة بين أحمد دنانة وزوجته مروة، وعن قصة رأفت ثابت مع زوجته وابنته، قد يعتبر بعض النقاد هذا الانفصام «أو هذا التوازي بين معظم القصص المكونة للرواية بدلاً من تقاطعها» من أوجه الضعف في الرواية، كما قد يلاحظ البعض، كما لاحظت أن القول نفسه ينطبق علي رواية علاء الأسواني الأولي «عمارة يعقوبيان»، حيث لا يجمع بين العلاقات الأساسية في الرواية، إلا أن لها كلها صلة بعمارة معينة في وسط القاهرة هي «عمارة يعقوبيان»، فالجميع يسكنون فيها، سكناً مؤقتاً أو دائماً، في شقة من شققها أو فوق السطوح، ومن ثم قد يقال إن رواية «عمارة يعقوبيان» وكذلك رواية «شيكاجو»، كل منهما تتكون من مجموعة قصص ولا تشكل رواية بمعني الكلمة،

ولكني عندما سألت نفسي: هل شعرت عندما كنت تقرأ «عمارة يعقوبيان»، أو عندما انتهيت منها أن الرواية مفككة أو أنها مجرد مجموعة من القصص التي لا تجمعها إلا رابطة واهية، هي أنها كلها تدور في مبني واحد؟ وهل شعرت بأن رواية شيكاجو لا يجمع قصصها إلا صلة أصحابها جميعاً بكلية جامعية واحدة في مدينة شيكاجو؟ في الحالين كانت إجابتي قاطعة بالنفي، فالقول بأن العلاقات والقصص في هذه الرواية أو تلك لا يجمعها إلا رابطة واهية ليس صحيحاً إلا في الظاهر فقط، فهناك في الحقيقة فكرة أو أفكار تجري تحت السطح، وتشكل رابطاً قوياً للغاية بين جميع القصص المكونة للرواية.. فما هذا الرابط القوي؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Fati
المديــــر العــام
المديــــر العــام
Fati


اسم الدولة : فرنسا

محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Empty
مُساهمةموضوع: رد: محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» .   محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» . Icon_minitimeالإثنين يونيو 08, 2009 4:41 pm



في «عمارة يعقوبيان» كان هذا الرابط القوي، أن كل علاقة من العلاقات الأساسية في الرواية تقدم صورة صادقة لحالة المجتمع المصري، وما حدث له في العشرين سنة أو الثلاثين الماضية، وعلي الأخص بتأثير سياسات الانفتاح، وما أحدثته هذه السياسات من شروخ وتصدعات في مختلف أنواع العلاقات الاجتماعية.

أما رواية شيكاجو، فالرابط بين العلاقات الأساسية فيها، قد يكون أقل وضوحاً، ولكنه في رأيي أشد عمقاً وأبعد أثراً.. إن ما يجمع بين هذه العلاقات الأساسية المكونة لرواية شيكاجو ليس فقط أن كلا منها ينطوي - كما ذكرت - علي ما يشبه المأساة الإغريقية، بل إن جذور المأساة فيها جميعاً واحدة، سواء كان أبطالها مصريين أو أمريكيين، وأن المأساة تتعلق فيها كلها بشكل أو آخر من أشكال الضعف الإنساني، ضعف الثقة بالنفس، أو الشعور المضني بالوحدة، أو الحاجة المستمرة إلي الحب من شخص واحد، وإلي الرضا والقبول من الآخرين.. في كل هذه الأمور لا يهم في نهاية الأمر ما إذا كنت مصرياً أو أمريكياً، في مصر أو في الولايات المتحدة، ناجحاً في عملك أو غير ناجح، الرابطة القوية التي تربط كل القصص التي تتضمنها الرواية، أو كل ما تصفه من علاقات هي إذن، ما يسمي «الحالة الإنسانية»، وهذا هو ما نجح علاء الأسواني نجاحاً باهراً في إثارة تعاطف القارئ معه.

***

سوف يجد قارئ رواية «شيكاجو» نفسه يتعاطف في الواقع، مع معظم شخصيات الرواية، ومقدراً لظروفهم ودوافعهم، حتي عندما لا تكون هذه الدوافع نبيلة أو مشروعة، فرواية «شيكاجو»، مثل رواية «عمار يعقوبيان»، تتميز بتقديم الأسباب المقنعة في ثنايا وصف الأحداث، لمختلف التصرفات النبيلة وغير النبيلة، فإذا بالقارئ يشعر بالعطف إزاء المصيب والمخطئ علي السواء، إزاء المصيب لأنه أصاب، وإزاء المخطئ لأن من الواضح جداً أنه لم تتح له في الواقع فرصة التصرف علي غير هذا النحو.

شخصيتان فقط من شخصيات الرواية، لابد أن يشعر القارئ نحوهما بالاشمئزاز التام والكراهية، ولا تتضمن الرواية أي تبرير أو عذر لتصرفاتهما. الأولي هي شخصية «أحمد دنانة»، التي يرسمها الكاتب بعناية فائقة حتي لتكاد تراها، وأنت تقرأ، مرأي العين. الحياة كلها في نظر أحمد دنانة، تتلخص في جمع المزيد من المال والترقي في سلم المناصب والسلطة، وهو لا شك يريد السلطة من أجل المزيد من المال، ويريد المال للمزيد من السلطة، وقد كان من الممكن أن نتركه لحاله ازدراءً له وتجنباً لشره، لولا أنه يقحم نفسه باستمرار علي حياة الناس بشكل ثقيل جداً ومزعج للغاية،

ويستخدم في ذلك مختلف أساليب الخداع، أهمها التظاهر بالتدين الشديد، مع أن تصرفاته كلها منافية للدين، أقحم نفسه علي المرأة التي تزوجها «مروة» وعلي أسرتها، حتي اكتشفت المسكينة أنها في نظره ليست إلا وسيلة للحصول علي أموال أبيها، بل وحتي الجنس لا وقت لديه لممارسته إلا كحيوان جائع، لا يلقي أي اعتبار لمشاعر شريكته فيه، بل هو علي استعداد، إذا لزم الأمر، لتقديم زوجته قرباناً لصفوت شاكر، إذا كان رضا صفوت شاكر ضرورياً لتحقيق طموحاته.

عند أحمد دنانة تختلط السياسة بالدين بالمال اختلاطاً نجد له للأسف أمثلة متكررة في حياتنا السياسية الراهنة، فهو ككثيرين غيره من سياسيينا المعاصرين، يمارس السياسة من أجل المال، وينفق بعض المال علي السياسة ليحصل علي مال أكثر، ويحاول أن يغطي دناءة ما يفعله بالمبالغة في التظاهر بالتدين، والناس من حوله يجارونه خوفاً منه لا تصديقاً له، فإذا قابل من هو أكبر سطوة منه، والقادر علي إفساد مشروعاته «مثل صفوت شاكر» انهار تماماً وتحول إلي فأر صغير قذر، وهو ما هو في الحقيقة.

أما صفوت شاكر فهو نموذج لنوع آخر من الدناءة، إنه ليس متديناً ولا يتظاهر بالتدين، يشرب الخمر علناً، حتي أمام المتدينين، دون مبالاة، ويأمر وينهي من يشاء من الرجال، ويغازل من يشاء من النساء، حتي زوجات مرؤوسيه، وزوجات المسجونين السياسيين، اعتماداً علي شيء واحد، هو حاجة رجال الدولة إليه لحمايتهم من أي شخص يهدد ما يتمتعون هم به من ثروة وجاه، والرجل يعرف جيداً مدي حاجة هؤلاء إليه، فلا يشعر بأي قيد علي حريته في ممارسة أي نزوة مهما كانت حقارتها.

هذان الرجلان هما الوحيدان، في رواية شيكاجو، اللذان لا يمكن أن تشعر نحوهما بأي تعاطف.. نعم، إن جميع أشخاص الرواية الآخرين «ربما باستثناء شخص واحد أو اثنين» ارتكبوا أخطاء جسيمة، ولكن الموقف الذي تشجع عليه الرواية، فيما يتعلق بهؤلاء جميعاً، هو الصفح والمغفرة، بناء علي الفهم التام لدوافعهم وأوجه ضعفهم، ولا تشجع الرواية القارئ علي الشعور بالسخط والكراهية إلا تجاه أحمد دنانة وصفوت شاكر.

أقول إن الفهم التام لدوافع معظم شخصيات الرواية لارتكاب ما ارتكبوه من أخطاء يؤدي بالقارئ إلي الصفح عنهم، والتعاطف معهم، إذ كيف لا يصفح القارئ، إذا فهم تماماً ما يدور بقلب شيماء محمدي، الفتاة المحافظة الآتية من طنطا مباشرة إلي شيكاجو، ولا يغفر لها ضعفها أمام طارق حسيب، الذي يرتكب خطأ مماثلاً بسبب ضعف مماثل؟

وكيف لا يصفح القارئ عن رأفت ثابت في قسوته البالغة في الحكم علي المصريين، عندما يشاهد انهياره التام لدي أول جفوة تحدث بينه وبين ابنته سارة؟ وقل مثل هذا عن خطأ كارول، الأمريكية السوداء، في حق صديقها وحبيبها المخلص جراهام، وخطأ ناجي عبدالصمد إزاء ويندي اليهودية «أم هو خطأ ويندي إزاء ناجي فنحن لا نعرف بالضبط أيهما خان الآخر»، أو خطأ الدكتور صلاح في حق نفسه عندما تفهم شعوره العميق بالندم، واعتقاده اليقيني بأنه خان بلده برفضه الاشتراك في أي عمل سياسي له بعض الخطورة، وبهجرته إلي الولايات المتحدة.

***

سمعت من بعض قارئي الرواية احتجاجاً علي استفاضة الرواية في وصف مشاهد العلاقة الجنسية علي نحو يزيد علي الحد اللائق، وأعترف بأني استغربت عندما سمعت هذا النقد لأول مرة. نعم، إن مشاهد العلاقة الجنسية أكثر مما اعتدناه في الروايات العربية، ووصفها أكثر تفصيلاً أيضاً من المعتاد، ولكنني لم أجد في هذا أو ذاك، بالطريقة التي سلكها الكاتب، وفي علاقتها بأحداث الرواية وشخصياتها، أي شيء مشين أو يغير رأيي في قيمة الرواية، عندما سمعت نفس النقد من قراء آخرين،

قلت لنفسي إن من المهم إذن أن أحاول أن أصل إلي معيار يحدد ما هو المقبول وغير المقبول من وصف المشاهد الجنسية في الأعمال الأدبية، خاصة أنني سبق أن كتبت نقداً شديداً لما اعتبرته «بذيئاً» في أعمال «أدبية»، لكتاب آخرين ومعروفين، بل أشاد بأعمالهم بشدة بعض النقاد المرموقين، من هذا النوع رواية الكاتب المغربي محمد شكري «الخبز الحافي»، حيث اعتبرت أن وصف المشاهد أو المشاعر الجنسية فيها غير مقبول ألبتة، فما أساس هذا التمييز؟

ليس هناك، فيما أعلم، أي قاعدة تقول إن الإشارة إلي أجزاء معينة من جسم المرأة أو الرجل، أو وصف أعمال معينة يقوم بها الرجل أو المرأة، أثناء ممارستهما للجنس، أو ذكر كلام معين يصدر منهما، يعتبر من قبيل الإثارة الجنسية غير المقبولة، بينما تجوز وتعتبر مقبولة الإشارة إلي أجزاء أخري من الجسم أو وصف أعمال أخري.

ليس هناك مثل هذه القواعد، كما أننا لا نستطيع أن نقول إن فيلما سينمائياً يعتبر من أفلام الإثارة الجنسية إذا ظهر فيه هذا الجزء أو ذاك من جسم الإنسان، أو صور هذا الجزء أو ذاك من الاتصال الجنسي، المعيار في هذا الأمر، فيما يبدو لي، ليس في الوجود المادي لجزء من أجزاء الجسم، أو من العلاقة الجنسية في العمل الفني، بل في نوع المشاعر التي يولدها الوصف في نفس قارئ طبيعي للرواية أو في نفس مشاهد الفيلم. أستطيع أن أضرب مثلاً جيداً يوضح ما أعنيه، وهو منظر امرأة، كثيراً ما يصادفنا في مصر في الطريق العام، خاصة في الأحياء الشعبية، وقد أخرجت من ثوبها أحد ثدييها لإرضاع طفل تحمله،

هذا المنظر قد نصادفه علي قارعة الطريق، والطريق مزدحم بالناس، فلا يخطر ببال أحد منهم أن يتوقف لإمعان النظر، ولا يخطر ببال المرأة أنها تقوم بعمل مشين، فإذا فرض أن لاحظت المرأة رجلاً يمعن فيها النظر، واكتشفت من طريقة نظرته إليها نوع المشاعر التي يمكن أن تكمن وراء هذه النظرة، أسرعت بتغطية نفسها، وربما تحول الأمر إلي فضيحة.

إن مناظر الجنس في رواية شيكاجو، كثيرة حقاً، ولكن كلها في رأيي ينطبق عليها نفس الحكم الذي ذكرته حالاً فيما يتعلق بالمرأة التي ترضع طفلها، المهم ليس الجزء المكشوف من الجسم، بل المشاعر غير المكشوفة ولابد إذن في هذا الأمر أن نحكم علي كل حالة علي حدة. وأعتقد اعتقاداً جازماً أن رواية شيكاجو تجتاز هذا الامتحان بنجاح تام ودون أي شائبة، وهو ما أستنتجه من ملاحظة مشاعري وأنا أقرأ هذه الأجزاء من الرواية، ومن انطباعي العام عندما انتهيت من قراءتها، ولأضرب الآن مثالاً لما أعنيه من رواية شيكاجو نفسها.

في أحد هذه المشاهد التي اعتبرها بعض أصدقائي مثالاً صارخاً للوصف غير المقبول للعلاقة الجنسية، مشهد الفتاة (سارة) مع صديقها في بيته ليلاً، وهما يمارسان الجنس ويتناولان في نفس الوقت جرعات من الكوكايين، المشهد يجري وصفه بمناسبة ما طرأ علي والد الفتاة (رأفت ثابت) من قلق شديد علي ابنته التي تركت بيت أمها وأبيها وهي غاضبة منذ أسابيع، وانتقلت للإقامة في بيت صديقها، الأب يشعر بأن شيئاً سيئاً جداً يحدث لها ولكنه لا يعرف بالضبط ما هو، لم يكن يعلم بإدمانها المخدرات،

ولكن لابد أن القلق كان يساوره من أن شيئاً كهذا قد حدث، كان يعرف أيضاً أن صديقها هذا نصاب ومدعٍ ويتظاهر بأنه فنان ولا يكسب من وراء رسومه الفاشلة سنتاً واحداً، قرر الأب أن يذهب للبحث عن بيته حتي وجده، واكتشف أنه في حي من أكثر أحياء شيكاجو اكتظاظاً بالمجرمين والمدمنين وأشدها خطورة، وقد تعرض هو، بمجرد نزوله من السيارة، لهجوم أحد هؤلاء المجرمين الذي طالبه بتسليمه ما معه من نقود، وصل إلي بيت صديق ابنته ورأي النور مُضاء، ولم يكن أحد يتوقع وصوله، فلما دق الجرس ولم يستجب له أحد نظر من وراء الزجاج فرأي ابنته وعشيقها، وشاهد بعينيه ما يدور بينهما من ممارسة الجنس وشم الكوكايين..

القارئ يقرأ هذا الوصف لما يدور بين البنت وصديقها، من خلال عيني الأب، وهو في أشد البؤس والقلق علي ابنته، والمؤلف لا يصف مجرد شاب وشابة يمارسان الجنس، بل يصف شاباً وشابة في منتهي الضياع وسوء الحال وغائبين تماماً عن الوعي بسبب المخدر، إن المؤلف يتوقع من قارئ هذا الوصف لهذا المشهد أن يتوحد شعوره مع شعور الأب، وهو شعور أبعد ما يكون، بالطبع، عن الشعور بالتهيج الجنسي، ومن ثم لا يمكن أن يعتبر هذا الوصف من قبيل أعمال «الإثارة الجنسية». إنني أستطيع أن أقول شيئاً كهذا عن سائر المشاهد التي تتضمن وصفاً أو إشارة لعلاقة جنسية في الرواية، مما يجعل الاتهام بأن هذه المشاهد من قبيل أعمال الإثارة الجنسية مرفوضاً تماماً.

***

من بين ما تنطوي عليه هذه الرواية الجميلة، وإن لم تقله صراحة، تصوير الصعوبة البالغة التي يقابلها المرء الذي يحاول التخلص من هويته التي نشأ بها أو تغييرها مهما كانت رغبته قوية في ذلك، إن هذا جانب من جوانب «التراجيديا الإغريقية» التي نصادفها المرة بعد المرة في أحداث الرواية، شيماء المحمدي لم تنجح الحياة الأمريكية في استئصال شعورها بالعار لدي أي تمرد منها، مهما كان بسيطا، علي ما نشأت عليه وتشربت به في حياتها الأولي في طنطا وسط عائلة محافظة ومتدينة

ومازال صديقها طارق خاضعا لنفس القواعد التي ترسخت في ذهنه في مصر بالتمييز بين الفتاة التي تصلح وتلك التي لا تصلح للارتباط بها بالزواج ولا حتي الدكتور رأفت ثابت رغم كل تظاهره بأنه قد أصبح أمريكيا ولم يعد هناك ما يربطه بمصر، استطاع أن يتحمل أن يري ابنته وهي تتصرف كما تتصرف البنات الأمريكيات وأن تعامله كما يعامل الأبناء والبنات آباءهم وأمهاتهم في أمريكا وكذلك الدكتور صلاح فهو لا يستطيع أن ينسي مهما مرت به السنوات أيام شبابه في مصر، ولا يستطيع مهما حاول أن يغفر لنفسه إحجامه عن الاشتراك في نشاط وطني للطلاب قبل ثلاثين أو أربعين عاما.. ما كل هذا التعلق بالذكريات والحب القديم؟

ولماذا كل هذه الجهود اليائسة لاستعادة أيام لا يمكن أن تعود؟ والدكتور كرم دوس أخطأ رئيس القسم المصري في حقه، منذ سنوات كثيرة عندما كان مدرسا صغيرا في الجامعة بمصر، فاضطر إلي الهجرة إلي الولايات المتحدة فأصبح من أكبر وأنجح جراحي القلب في أمريكا ولكنه لا يستطيع أن يجري أي عملية من عملياته في شيكاجو إلا علي أنغام أغاني أم كلثوم.

في علاقة ناجي عبدالصمد والفتاة اليهودية ويندي، يصادف ناجي نفس الصعوبة في التخلص من أفكار ثابتة مترسخة في أعماق اللاشعور، لقد نشأ ناجي وترعرع علي فكرة أن من المستحيل أن تنشأ علاقة حب أو صداقة حقيقية بين مصري ويهودي، وإذا حدث وبدا وكأن علاقة كهذه قد نشأت بالفعل فلابد أن ينتهي الأمر بالخيانة: خيانة اليهودي بالطبع للمصري،

ها هي الفتاة الجميلة ويندي تدل كل الدلائل علي أنها تهيم بناجي حبا وتعشقه عشقا، ومستعدة لأن تفعل أي شيء من أجله وأنها قضت أجمل أيام عمرها معه ولكن ينهار كل شيء في لحظة واحدة عندما يواجه ناجي محنة تنطوي علي خيانة شخص له أو نية شخص خبيث في الإضرار به فلا يخطر بباله أن يكون هذا الخائن الخبيث شخصا آخر غير عشيقته اليهودية ويندي.. تنهار العلاقة انهيارا تاما بنفس السرعة التي بدأت بها ولا يقول لنا الكاتب أبدا ما إذا كانت هذه الفتاة اليهودية خائنة حقا أو لم تكن، والكاتب محق في عدم الإفصاح، إذ ليس المهم في الحقيقة في هذا السياق من الذي ارتكب الجرم بل من اعتقد ناجي أنه ارتكبه.

والأمريكيون ليسوا في هذا أحسن حالا من المصريين فالشابة الجميلة الرقيقة كارول لا تستطيع بالطبع أن تنسي مهما حاولت أنها سوداء البشرة وحتي إذا نسيت فسرعان ما يذكرها الآخرون بيضا كانوا أو سودا حتي الأستاذ الجامعي الأمريكي المتمدين «جورج مايكل» لا يستطيع أن يتركها في سلام عندما يري أنها جاءت لزيارة صديقها الأبيض جراهام وهو زميله في نفس القسم بالكلية فيعبر بسخرية قاتلة عن دهشته من أنها تجرأت فدخلت في علاقة مع أمريكي أبيض.

نحن جميعا إذن- مصريين أو أمريكيين من ذوي البشرة البيضاء أو السمراء أو السوداء- محكوم علينا من البداية بمصير يحدده البلد الذي ولدنا فيه أو البشرة التي نحملها أو المشاعر والأفكار التي غرسها فينا نوع الثقافة التي نشأنا في ظلها، والفرار من كل ذلك مهما حاولنا مستحيل.

هذه التسوية التامة، التي تنطوي عليها الرواية بين المصريين والأمريكيين دون أن يذكرها المؤلف بصراحة طبعا هي من أجمل ما في الرواية، ليس أحد أفضل من أحد، فكلنا نتاج ظروفنا وتاريخنا ومحنة أحدنا هي نفس محنة الآخر، أو علي الأقل شبيهة جدا بها، لا عجب أن الرواية تنتهي بالتعاون التام بين المخابرات الأمريكية والمخابرات المصرية..

ألا يعمل الاثنان لخدمة نفس الغرض أو علي الأقل لخدمة أغراض متشابهة جدا؟ كما أننا نري قرب نهاية الرواية التعاطف الشديد الذي يشعر به الأستاذ الأمريكي النبيل «جراهام» مع المحاولات المستميتة التي يبذلها بعض الشبان النبلاء من المصريين لتغيير الواقع المصري إلي الأفضل، ولا عجب في هذا أيضا.. ألا تنبع الأهداف النبيلة من نفس المنبع، وتصب في النهاية في نفس المصب؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
محنة المصريين والأمريكيين في رواية «شيكاجو» .
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ليـــــــــــــل الغربــــــــــــــــــــــــــة :: المنتديات الثقافية :: منتدى القصص والروايات :: الأدب العربي-
انتقل الى: