نائب الفاعل
تعريفه :
اسم يأتي بعد فعل مبني للمجهول ، أو شبهه (1) ، ويحل محل الفاعل بعد حذفه .
نحو : حوصر جيش الأعداء . ومنه قوله تعالى : { قتل الخراصون }2 .
ومنه قول الشاعر :
ماعاش من عاش مذموما خصائله ولم يمت من يكن بالخير مذكورا
ونحو : صادق رجلا يعربيا خلقه .
" فجيش ، والخراصون " في المثالين الأولين ، كل منهما وقع نائبا للفاعل ، وفعل الأولى " حُوصِر " ، وفعل الثانية " قُتِل " . أما " خصائله " في المثال الثالث ، فهي نائب فاعل لاسم المفعول " مذموما " ، و " خلقه " في المثال الرابع نائب فاعل ليعربي ؛ لأن المنسوب إليه في تأويل اسم المفعول ، والتقدير : صادق رجلا منسوبا خلقه إلى يعرب .
أسباب حذف الفاعل : ـ
1 ـ يترك الفاعل ليحل محله نائبه لغرض لفظي .
133 ـ نحو قوله تعالى : { كُتب عليكم القتال } 3 .
2 ـ لغرض معنوي . نحو قوله تعالى : { إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس }4.
3 ـ للعلم به . 134 ـ نحو قوله تعالى : { وخلق الإنسان ضعيفا } 5 .
ـــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ كاسم المفعول ؛ لأنه يعمل عمل الفعل المبني للمجهول ، والاسم المنسوب إليه .
2 ـ 10 الذاريات . 3 ـ 216 البقرة . 4 ـ 11 المجادلة . 5 ـ 28 النساء .
4 ـ أو للتعظيم ، نحو قول الرسول الكريم " من بُلي منكم بهذه القاذورات " .
5 ـ أو للتحقير فيصان اسم المفعول عن مقارنته ، نخو : أذي محمد . إذا عظّم أو حقّر من آذاه .
6 ـ للخوف منه أو عليه ، فيستر ذكره . أو قصد إبهامه بأن لا يتعلق مراد المتكلم بتعيّنه .
135 ـ نحو قوله تعالى : { فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} 1 .
وقوله تعالى : { وإذا حييتم بتحة فحيوا بأحسن منها } 2 .
7 ـ لإقامة وزن الشعر . 65 ـ كقول عنترة :
وإذا شربت فإنني مستهلك مالي وعرضي وافر لم يُكلم
8 ـ لإصلاح السجع . نحو : " من طابت سريرته حُمدت سيرته " .
9 ـ بقصد الإيجاز .
136 ـ نحو قوله تعالى : { ومن عاقب بمثل ما عُوقب به ثم بُغِي عليه } 4 .
10 ـ أو للجهل به نحو : كُسر الزجاج ، وسُرق المتاع .
11 ـ كون الفعل أحدثته عوامل ليس محددة .
66 ـ كقول الأعشى :
عُلِّقتها عرضا وعُلِّقت رجلا غيري وعلق أخرى غيرها الرجل
حكمه :
الرفع دائما ، غير أنه قد يجر بحرف جر زائد ، فيكون مجرورا لفظا مرفوعا محلا . نحو : لم يُقَرر من شيء جديد .
ــــــــــــــــ
1 ـ 196 البقرة . 2 ـ 86 النساء .
3 ـ 11 المجادلة . 4 ـ 60 الحج .
أنواعه :
1 ـ يأتي نائب الفاعل اسما ظاهرا كما مر معنا في الأمثلة السابقة .
ومنه قوله تعالى : { خلق الإنسان من عجل }1 .
وقوله تعالى : { وغيض الماء وقضي الأمر }2 .
وقوله تعالى : { وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا }3 .
137 ـ وقوله تعالى : { وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون } 4 .
ومنه قول لبيد :
وما المال والأهلون إلا ودائع ولا بد يوما أن تُردَّ الودائع
2 ـ ويأتي ضميرا متصلا ، أو منفصلا ، أو مستترا .
مثال المتصل : عُوقبت البارحة على إهمالي .
ومنه قوله تعالى : { فعاقبوا بمثل ما عُوقبتم به } 5 .
138 ـ وقوله تعالى : { وما أرسلوا عليهم حافظين } 6
وقوله تعالى : { ثم إليه ترجعون } 7 .
مثال المنفصل : ما يُكرَّم إلا هو . وما حُرم إلا أنت .
ومثال المستتر : لن أُهزَم .
139 ـ ومنه قوله تعالى : { وإذا الوحوش حشرت } 8 .
وقوله تعالى : { وإذا الأرض مدت } 9 .
وقوله تعالى : { وإذا لشمس كورت } 10 .
ـــــــــــــــــ
1 ـ 27 الأنبياء . 2 ـ 44 هود .
3 ـ 71 الزمر . 4 ـ 21 الانشقاق .
5 ـ 126 النحل . 6 ـ 33 المطففين .
7 ـ 28 البقرة . 8 ـ 5 التكوير .
9 ـ 3 الانشقاق . 10 ـ 1 التكوير .
ومنه قول الفرزدق :
يُغضي حياء ويُغضى من مهابته فلا يُكلَّم إلا حين يبتسم
3 ـ ويكون مصدرا مؤولا بالصريح من الآتي : ـ
أ ـ أن والفعل المضارع . نحو : يُنتَظر أن يثمر عملنا . والتقدير : إثمار .
ب ـ أن ومعموليها . نحو : يؤخذ عليك أنَّك متهاون . والتقدير : تهاونك .
فكل من المصدرين " إثمار ، وتهاون " وقع موقع نائب الفاعل ، وأعرب إعرابه كما لو كان اسما صريحا .
ومن شواهد أن ومعموليها :
140 ـ قوله تعالى : { قل أوحي إليَّ أنه استمع نفر من الجن } 1 .
وقوله تعالى : { قل إنما يوحى إليَّ انما إلهكم إله واحد } 2 .
4 ـ ويأتي نائب الفاعل جملة . نحو : قيل لا تهملوا واجباتكم .
ومنه قوله تعالى : { وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض } 3 .
وقوله تعالى : { وقيل يا أرض ابلعي ماءك } 4 .
وقوله تعالى : { وقيل بعدا للقوم الظالمين } 5 .
5 ـ ويأتي شبه جملة :
أ ـ جار ومجرور . نحو : جُلس في الغرفة .
141 ـ وقوله تعالى : { ولما سقط في أيديهم } 6 .
ب ـ ظرف مكان نحو : أُقيم عندنا . وظرف زمان نحو : سوفر يم الخميس .
كما يأتي مسبوقا بحرف جر زائد . نحو : ما كوفئ من طالب .
ـــــــــــــــ
1 ـ 1 الجن . 2 ـ 108 الأنبياء .
3 ـ 11 البقرة . 4 ـ 44 هود .
5 ـ 44 هود . 6 ـ 149 الأعراف .
ما يطرأ على الفعل عند بنائه للمجهول : ـ
عند بناء الفعل للمجهول يطرأ عليه التغييرات التالية : ـ
1 ـ إذا كان الفعل ماضيا ضم أوله ، وكسر ما قبل آخره . نحو : كُتِب ، قُتِل .
2 ـ فإن كان ثلاثيا معتل الوسط نحو : قال ، وباع ، ونام ، أو غير ثلاثي
نحو : اختار ، وانقاد ، وانحاز . كسر ما قبل الآخر ، وقلبت الألف ياء .
نحو : قيل ، بيع ، نيم ، اختير ، انقيد ، انحيز .
ومنه قوله تعالى : { وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله }1 .
67 ـ ومنه قول رؤبة بن العجاج :
حِكت على نيْرين إذ تُحاك تختبط الشوك ولا تُشاك
الشاهد في الآية الفعل " قيل " ، وفي البيت العل " حيك " ، وفي كلا الفعلين عند بنائه للمجهول كسر ما قبل آخره ، وقلبت ألفه ياء ؛ لأنه معتل الوسط بالألف .
وقد أجاز النحويون في الأفعال الماضية المعتلة الوسط بالألف إغلاض الضم ، وعندئذ تقلب الألف واوا فنقول : قول ، وبوع ، واختور ... إلخ .
68 ـ ومنه قول الشاعر :
ليت وهل ينفع شيئا ليت ليت شبابا بوع فاشتريت
الشاهد قوله " بوع " ببناء الفعل المعتل الوسط بالألف للمجهول بضم ما قبل آخره ، وقلب ألفه واوا ، وهي حالة رديئة .
ومن النحاة من قال بالإشمام ، أو ما يعرف عند القراء بـ " الروم " وهو الأتيان بالفم بحركة بين الضم والكسر ، ولا يظهر هذا إلا في اللفظ دون الكتابة ، وقد قرئ في السبعة :
142 ـ قوله تعالى :{ وقيل يا أرض ابلغي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء }2 .
ـــــــــــــ
1 ـ 167 آل عمران . 2 ـ 44 هود .
بالإشمام في " قيل ، وغيض " {1} .
3 ـ وإن كان الفعل ثلاثيا مزيدا بحرف الألف على وزن فاعَل ضم أوله ، وقلبت ألفه واوا ، وكسر ما قبل الآخر . نحو : قاتل ـ قوتل ، بايع ـ بويع .
نقول : بويع الخلفة . ومنه قوله تعالى : { وإن قوتلتم لننصرنكم }2 .
4 ـ وإن كان العل مبدوءا بتاء المطاوعة ضم أوله وثانيه .
نحو : تدحرج ـ تُدُحرِج ، تحطم ـ تُحُطِم ، تزلزل ـ تُزُلزِل .
5 ـ أما إذا كان الفعل مبدوءا بهمزة وصل ضم أوله وثالثه .
نحو : انطلق ـ اُنْطُلق ، انتصر ـ اُنْتُصر ، استعمل ـ اُستُعمل .
ما ينوب عن الفاعل بعد حذفه : ـ
1 ـ المفعول به إذا كان الفعل متعديا لواحد ، فإن تعدى لأكثر من مفعول ، ناب المفعول به الأول عن الفاعل ، وكذلك إذا اشتملت الجملة على مفعول به ، ثم مفعول مطلق ، لزمت الإنابة المفعول به مادام مقدما .
نحو : كسر المهمل الزجاج ( الفعل مبني للمعلوم ) . نقول بعد بنائها للمجهول : كُسِر الزجاج .
143 ـ ومنه قوله تعالى : { قضي الأمر }3 . وأصله : قضى الله الأمر .
ونحو : علمت محمدا ناجحا .
نقول بعد بنائها للمجهول : عُلِم محمدٌ ناجحا .
ــــــــــــــــ
1 ـ شرح ابن عقيل ج1 ، ص505 . ومعنى الإشمام : أن تنحو بكسر فاء الفعل نحو الضمة ، فتميل الياء نحو الواو إذانا بأن الأصل فيه ضم أوله ، وجاء الواو فقيل : قول ، وغوض ، والأصل قول وغيض ، فيحذف كسر العين ، وتقلب الياء واوالسكونها ، وضم ما قبلها . انظر لباب الإعراب هامش ص 240 .
2 ـ 11 الحشر . 3 ـ 210 البقرة .
فـ " محمد " في الأصل مفعول به أول ، وناجحا مفعول به ثان ، فناب المفعول به الأول عن الفاعل بعد حذفه ، وبقي المفعول به الثاني علة حاله ، وكذلك إذا اشتملت الجملة على أكثر من مفعولين .
نحو : أخبرت والدي عليا قادما . بعد البناء للمجهول نقول :
أخبر والدي عليا قادما .
ومثال اشتمال الجملة على مفعول به ، ومفعول مطلق :
صافحت الضيف مصافحة حارة . نقول بعد بنائها للمجهول :
صوفح الضيفُ مصافحةً حارَّة .
فـ " الضيف " في الأصل مفعول به ، و" مصافحة " مفعول مطلق ، فناب المفعول به عن الفاعل ؛ لأنه مقدم على المفعول المطلق في الجملة .
صوفح : فعل ماض مبني للمجهول .
الضيف : نائب فاعل مرفوع بالضمة .
مصافحة : مفعول مطلق منصوب بالفتحة .
حارة : صفة منصوبة بالفتحة .
2 ـ وإن كان الفعل لازما ناب عن الفاعل كل من الآتي : ـ
أ ـ المصدر المختص المتصرف {1} .
نحو : اُنْطُلِقَ انطلاقُ السهم .
144 ـ ومنه قوله تعالى : { فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة }2 .
لذلك لا يصح لبعض المصادر أن تنوب عن الفاعل لملازمتها المصدرية ، وعدم تصرفها . مثل : معاذ ، وسبحان .
ـــــــــــــ
1 ـ المختص من المصادر ما دل على العدد ، أو النوع ، وذلك بوصفه ، أو بإضافته . والمتصرف منها ما يخرج عن النصب على المصدرية إذا تأثر بالعوامل اللفظية .
2 ـ 13 الحاقة .