رجولة القرن الواحد و العشرين :
قرأت في السيرة أن إمرأة أرادت الهجرة وحدها لللحاق برسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة
فرآها رجل من قريش لم يسلم بعد فسألها الى أين تذهبين يا أمة الله ؟ فأجابته أفر منكم بديني فقال : ما يليق
بك هذا .. فرجع الى بيته فأخذ ناقته و زاده ثم لحق بها .. فحملها على ناقته و مضى بها حتى وصل بها المدينة
و عاد الى مكة .. فسألوها عنه و كيف عاملها هذا الشخص الذي لم يسلم بعد .. ردت عليهم بأنه كان قمة في
الاخلاق .. فقالت كان حينما يريد أن ينزلني من على الناقة كان يدير رأسه حتى لا يرى ما قد يبدو مني ..
و كان اذا حل الليل يجلس بعيدا عني و يدير ظهره إلي كي يتفادى النظر إلي ..
كان هذا الشخص من العائلة التي تمسك مفتاح الكعبة ( آل شيبان ) ..
بعد فتح مكة و دخول الرسول صلى الله عليه وسلم الى مكة منتصرا و بعد أن عفا عن أهل مكة الذين آذوه
أشد الإيذاء بقوله صلى الله عليه وسلم ( إذهبوا فأنتم الطلقاء ) .. تسلم مفتاح الكعبة من آل شيبان عائلة ذلك الرجل
الشهم و قال لهم : (( يوم بر و وفاء مفتاح الكعبة لكم لا يخاصمكم عليه سوى ظالم الى يوم القيامة )).
فالعبرة من القصة : رجل كافر كيف تصرف مع هاته المرأة التي انفرد بها ليالي السفر الطويل في صحراء قاحلة ..
أنظروا الى هاته الرجولة و الشهامة .
الرسول ايضا كان تمنى أنه لو رآى عنترة من شداد الذي أعجبه خلقه الأصيل و قد أعجب كثيرااا
بهذا البيت الذي قاله عنترة :
و أغض طرفي اذا ما بدت لي جارتي .. حتى تواري جارتي مأواها
يا لها من مروؤة و يا لها من رجولة ...
في زماننا هذا .. لم يعد لهاته الرجولة وجود إلا بنسبة تكاد تنقرض ..
ما يحدث في جامعاتنا من مجزرة للأخلاق .. ما يحدث في اسواقنا و مستشفياتنا و أيضا في شوارعنا
بل و حتى في مساجدنا .. واقع مرير .. أخ يخون أخيه .. يخون جاره .. يخون أقاربه .. يخون صديقه
.. يخون حبيبه .. يكون مبادئه .. يخون والديه الذين ربياه .. يخون وطنه .. و أكبر من ذلك يخون
دينه ... للأسف هذا هو واقعنا .
من يمشي بأخلاقه .. من يحافظ على وعده .. من يتشبت بدينه .. أصبح نكرة او شاذ في زمان ضاع فيه معنى
الرجولة الحقة ..
.