الحاج الهاشمي قروابي 1938-2006
ولد الفنان الهاشمي قروابي يوم 6 يناير عام 1938 في المدنية بالجزائر العاصمة ،عرف عنه منذ الصغر حبه لكرة القدم والموسيقى. ولكن حبه للموسيقى هو الذي تغلب في الأخير . تتلمذ على يد شوخ الغناء الشعبي* الحاج محمد العنقة والحاج مريزيق اللذان كانا يحييان الأعراس و الحفلات في مقاهي " القصبة " والأحياء العاصمية.و كان اول من لفت انتباهه صوت الهاشمي قروابي الفنان الكبير محي الدين باشتارزي الذي وظفه باوبرا الجزائر عام 1953م . ما سمح لقروابي بممارس الغناء على الخشبة ومواجهة الجمهور. وقد لفت الأنظار اليه ساعتها بأغنية " مقرونة الحواجب" .
في الستينيات وبعد الإستقلال انتقل قروابي الى فرقة الإذاعة والتلفزيون الجزائري ضمن فرقة الشعبي التي كان يشرف عليها الحاج محمد العنقى وكانت المشتل الذي نشأ فيه معظم مغنيي الشعبي العاصمي.
في السبعينيات التقى قروابي بملحن مجدد وصاحب روح جديدة في اغنية الشعبي وهو الفنان العظيم محبوب باتي الذي غير له مساره باتجاه نوع جديد من الأغاني الخفيفة بنكهة الموسيقى العصرية التي كانت سائدة ذلك الوقت مع الروح الجديدة التي ادخلها قائد الفرقة الموسيقية العصرية آن ذاك الفنان الكبير " بوجميه مرزاق " في التوزيع الموسيقي .
فلحن له محبوب باتي اجمل اغنياته التي مازالت تلاقي صدى كبير الى يومنا و التي منها " مقواني سحران " و" البارح " و " الشمس الباردة " و" قولاو للناس " و" الورقة ". هذا النوع من الغناء لقي تجاوبا كبيرا عند الجماهير فكانت اغاني قروابي تبث يوميا على التلفاز و الراديو .
في نفس الوقت الذيي كان فيه شيوخ الشعبي المحافظون في تلك المرحلة يراقيون هذا الفتى الوسيم الذي يريد ان يشق طريقه مع الكبار، و لكن لم يأبهوا له طالما ان ما يغنيه لا يمت لهم بصلة وليس موجها الى مستمعيهم .
الى ان دخل قروابي ساحة القصائد الكبيرة هذه التي كان من خلال آدائها يصنف المغنون برتبة الشيوخ او غير الشيوخ.
و يبدو ان قروابي اخذ متسعا من الوقت في دخول هذا الميدان فالساحة كانت تعج بالشيوخ الكبار مثل " عمار الزاهي - بوجمعة العنقيس - العنقى وغيرهم من الكبار. هنا ياتي تميز قروابي ففي البداية لم يوجه اغانيه لشريحة الشيوخ القدامى الذين ما كان ليرضيهم شيء ، لان قابلية استيعاب الجديد غير واردة عندهم ، وحين قرر المواجهة راح يغني الشعبي و يخوض في عباب القصائد الصعبة لفحول شعراء الملحون - هذا التراث الذي يمتد من تونس الى المغرب مرورا بالجزائر- بطرقى مبسطة يغلب عليها التعبير الدرامي و التصوير بالآداء اضافة الى انه كان يعاب على المغنيين القدامى عدم اخراج الحروف بطريقة واظحة وسليمة ما يسبب نفورا لدى المستمع.* و من بين القصائد التي كانت سببا في شهرته حينها وصنفته مع زمرة الشيوخ :" يوم الخميس واش اداني " و " بالله يا بن الورشان " ليصل إلى الروائع والملاحم الشعرية الكبرى مع " الحراز " للشاعر الشيخ الحاج بن قريشى و كذا أغنية " يوم الجمعة خرجوا الريام " للشاعر مبارك السوسى و" آش ذا العار عليكم يا رجال مكناس " المعروفة بالمكناسية ، و برغم كل ذلك الا ان المحافظين لم يستوعبوا هذا الأسلوب الذي كانوا يرونه بدعة .
وهكذا دخل قروابي مع الكبار بل وتميز عنهم في طريقة غنائه السهلة والمعبرة فاقبل الشباب من يومها على الغناء الشعبي بقوة . وراح الكثيرون يقلدونه في اسلوبه وشكل لوحده خطا متميزا .
في بداية التسعينيات غادر قروابي الجزائر قاصدا فرنسا اين استقر لمدة احيا فيها كثيرا من الحفلات وهو الذي تجاز صيته حدود المغرب العربي الى اوربا . وفي فرنسا سجل اول البوم له .
وعاد الى الجزائر وطنه الحبيب وغنى ساعتها رائعته التي كتبها هو ولحنها " سبحان خالق لكوان " ولسقبله جمهوره بحرارة و بحب كبيرين .
تدهورت صحته ودخل في صراع مع مرض " السكري " الذي ارهقه وبرغم ذلك كلن يحيي الحفلات المطولة . وفي يوم 17 يوليو/جويلية 2006 انتقل الى جوار ربه تاركا وراءه ارمادة من المحبين والعشاق بالاضافة الى مئات الأشرطة والحفلات الرائعة .
* ما كان يعاب على مغنيي الشعبي في القديم عدم افصاحهم عند نطق الحروف بالعربية ، وهذا راجع حسب راي النقاد والمؤرخين للموسيقى في الجزائر الى امية الذين كانوا يغنون وحتى الذين كانوا يقرأون لم يحسنوا غير اللغة الفرنسية
وقد كان بعضهم يكتب العربية بحروف لاتينية و هذا ما صعب عليهم النطق ، وجعلهم يقولون ما لا يفهمه غيرهم .