فطنة وبداهة أبونواس‎

فطنة وبداهة أبونواس‎
________________________________________


قيل : بينما كان أمير المؤمنين هارون الرشيد في مجلسه وبينه الوزراء والعظماء وأصحاب الرأي دخل عليه حاجبه معلناً قدوم أبي نواس

فقال الخليفه : دعـه ينتظر قليلاً

ثم نظر هارون الرشيد إلى جلسائه وقال : هذه فرصة سانحة نضحك فيها على أبي نواس وسأستحضر لكل منكم بيضة تخبئونها في طيّات ثيابكم حتى إذا دخل أبونواس وجلس ليتكلم أحدكم كلمة أغضب عليكم بها وأقول يا لكم من ضعاف مثل الفراخ ، تالله إذا لم تفعلوا مثل الدجاج ويبيض كل منكم بيضة لأقطعن رقابكم

فقالوا : سمعاً وطاعة يا أمير المؤمنين

فطلب الخليفة من الحاجب أن يحضر البيض وأن لا يدع أحد يراه خاصة أبا نواس ، فنفذ الحاجب الأمر وأحضر البيض وأعطى لكل من الجالسين بيضة خبأها بين طيّات ثيابه وجلسوا ينتظرون

فدخل أبونواس وسلم على أمير المؤمنين سلام الخلافة ، ثم أظهر الخليفة انتباهه إلى حديث جلسائه فنطق أحدهم بكلمة غضب منها الخليفة غضباً شديداً ، فصاح بهم : ويحكم أيها الجبناء إنكم مثل الدجاج ، ولا أجد فرقاً بينكم وبين الدجاج ، والله إن لم يبض كل منكم بيضة الآن لأقطعن رقابكم

فأظهروا الإضطراب والخوف ، وأخذوا يفعلون كما تفعل الفراخ

وبعد قليل مدّ الأول منهم يده فأخرج بيضه وقال : ها هي بيضتي يا أمير المؤمنين ، وأعقبه الثاني والثالث ،،، وكلهم

وكان الخليفة يقول لكل من يقدّم بيضته : قد نجوت

ولما جاء الدور إلى أبونواس وقف على قدميه ومشى حتى توسّط الجميع وصار أمام الخليفة وجهاً لوجه ، ثم صار يقول : كاك ، كاك ، كاك ، كما يفعل الديك بين زوجاته الدجاج ، ثم ضرب إبطيه على بعضهما وصاح بأعلى صوته كما يفعل الديك تماماً : كوكو كوكو

فقال الخليفة : ما هذا يا أبانواس ؟

فقال أبونواس : عجباً يا أمير المؤمنين ، هل رأيت دجاجاً تبيض من غير ديك ؟ هؤلاء فراخك وأنا ديكهم

فضحك الخليفة حتى كاد يسقط من كرسيه وقال له : يا لك من خبيث ماكر

تالله لو لم تكن فعلت ذلك لعاقبتك ، ثم أمر له بهدية ومال معجباً بذكائه